أشار إليه ريموند أوشي، المحلل الاستراتيجي والضابط السابق في البحرية البريطانية بقوله: “إذا كان العالم خاتما فإن مضيق هرمز لؤلؤته”، فمنذ منتصف القرن العشرين أصبح مضيق هرمز هو شريان الطاقة في العالم حيث يمر عبره سدس إنتاج النفط العالمي. ففيه تمر حاملات البترول العملاقة فارغة متوجهة إلى المواني السعودية والكويتية والقطرية والإماراتية والإيرانية، ثم تعود محملة بالبترول لتتوجه إما إلى شرق آسيا والهند أو إلى الولايات المتحدة وأوروبا وبقية دول العالم. يقع مضيق هرمز في الخليج العربي حيث يفصل بين مياه الخليج من ناحية ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من ناحية أخرى، وتطل عليه من الشمال جمهورية إيران الإسلامية ومن الجنوب سلطنة عمان.
وهو أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن، حيث إن 40 في المائة من النفط المنقول بحرا يمر عبر هذا المضيق إذ يعبره يوميا 20 – 30 ناقلة نفط.
وفي دراسة لخبراء الاقتصاد والسياسة في مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في جامعة جورج تاون الأميركية أكدت أن 86 في المائة من صادرات نفط الشرق الأوسط تمر من مضيق هرمز، فعلى سبيل المثال يمر أكثر من 88 في المائة من النفط السعودي و98 في المائة من النفط العراقي من خلاله. ولا تتمثل الأهمية الاستراتيجية لهذا المضيق باعتباره ممرا لناقلات النفط فقط، وإنما أيضا لطبيعته التجارية حيث إن جانبا كبيرا من تجارة دول المنطقة الواقعة على طول سواحل الخليج تمر من خلاله وعبر مياهه، حتى أصبحت سلامة وأمن الملاحة في المحيط الهندي مرتبطين بسلامة وأمن الملاحة في مضيق هرمز.
ويرى الخبراء الاقتصاديون أنه في حال غلق مضيق هرمز لأي سبب، فإن سوق النفط العالمية ستواجه نقصا بنسبة 16.5 إلى 20 مليون برميل، وعندها من المرجح أن يرتفع سعر برميل النفط لنحو 250 دولارا للبرميل، وهو ما يجعل مراقبين يتوقعون أن إغلاق مضيق هرمز سيوقع العالم كله في أزمة طاقة رهيبة كافية لتعطيل كل أوجه الحياة في العالم المعاصر.
والمضيق عبارة عن شريط أرضي يبلغ طوله نحو 63 كلم ويتراوح عرضه من نحو 35 كلم في جنوب جزيرة لارك إلى أقل من 60 كلم في سائر المناطق. كما أن عرض المياه الواقعة قبل وبعد هذا المضيق يبلغ أقل من 100 كلم في الحد الفاصل بين جنوب غربي جزيرة قشم حتى شواطئ غرب كنكان ويتراوح عمق مياه هذا المضيق في مناطقه المختلفة من 35 إلى أقل من 100 متر.
ويعتبر المضيق جزءا من أعالي البحار أي أن لكل السفن الحق والحرية في المرور فيه ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها.
وتهدد إيران حاليا بغلق المضيق في حالة تم فرض عقوبات على صادراتها النفطية، حيث قال قائد سلاح البحرية الإيراني، العميد سياري، لوكالة أنباء “فارس”: “إن إيران تمتلك القدرات لإغلاق المضيق بغاية السهولة، لكن ليس هناك ضرورة لذلك في الوقت الحاضر”.
الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها إيران بغلق هذا المضيق، فقد سبق وهددت بغلقه أثناء الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينات القرن المنصرم، ورغم أنها عسكريا كانت تستطيع غلقه فإنها لم تفعل ذلك نظرا لأنها ستكون أول المتأثرين سلبا من هذه الخطوة.