عرف التاريخ الكثير من التصادم بين نجمين ظهرا في السماء في نفس اللحظة، ويضيق الفضاء عادة بهذين النجمين ولا يتسع لكليهما معا، فيقع التصادم شاء أم أبى كلاهما.
هكذا كان التجاذب في مراكز الثقل في الماضي بين ألبرت اينشتاين ونيلس بوهر في علم الفيزياء في القرن العشرين، وهكذا كان التصادم بين توماس جيفرسون والكسندر هاميلتون عند نشأة الولايات المتحدة الأمريكية.
وأما خلال العقود الثلاثة الأخيرة فقد شهدت الساحة صراعا وتصادما بين كوكبين من كواكب العلم والتقدم في عصرنا هما ستيف جوبز مؤسس ومدير شركة “ابل” وبيل جيتس مؤسس شركة مايكروسوفت والذي تنحى عن إدارتها مؤخرا.
وحسبما ورد في السيرة الذاتية لستيف جوبز فكلا العملاقين مولود في عام 1955 وكلاهما فشل في التخرج من الجامعة بنجاح وكلاهما ترك مقاعد الدراسة ليقيم شركته دون الحصول على أي شهادات جامعية.
تميز العملاقان بأن لكل منهما نظرة للحياة والتكنولوجيا مختلفة عن الآخر، وهذا الاختلاف سرعان ما تحول إلى خلاف ملأ صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون، إلى أن قرر الاثنان التراجع عن هذا النهج وترك الخلافات والصدامات جانبا.
ويقول بيل جيتس في لقاء مع صحيفة “التيلغراف” انه حين علم بأن جوبز يعاني من المرض القاتل، أرسل له رسالة مطولة اعتذر له فيها عن كل ما بدر عنه في خضم الصدام العنيف بين الاثنين، وقال له أيضاً إن عليه الاعتزاز بشركته “ابل” وبكل ما تنتجه من أجهزة مثل ماكنتوش وايفون وايباد، وأكد له أن شركة كهذه لم تكن لتنجح لولا أن قائدها (جوبز) إنسان عبقري بصورة استثنائية.
هذه الكلمات صدرت عن بيل جيتس قالها في رسالته إلى ستيف جوبز واعتذر من خلالها عن كل ما بدر عنه، ولم يخجل في تكرار هذه الاعترافات من جديد خلال حواره مع صحيفة “التلغراف”، مضيفا أن لا شيء أفضل من التنافس بين الكبار لأن هذا أمر ايجابي يولد الأفضل لدى كل منهما والمستفيد في النهاية هو المستخدم.
لم نكن انا وستيف جوبز في حالة حرب، وإنما تنافس وهذا أمر لا سوء فيه، ولهذا فإنا احترم كل ما قام به جوبز واعتقد أن العالم أصبح مختلفا بما أوجده جوبز.