انتهت أمس الحملة السرية التي شنتها الشرطة على مدار اشهر طويلة ضد ظاهرة تجارة السلاح في منطقة المثلث، بأن قدمت النيابة لوائح اتهام ضد 12 شخصا من الذين تم اعتقالهم في نهاية الحملة المذكورة.
وكانت الشرطة أطلقت هذه الحملة عام 2010 تحت الاسم السري “وزير الحربية” وكانت قد نشرت عملاء سريين لها في كل من الطيبة والطيرة وجلجولية ليتعقبوا تجار الأسلحة على مدار اشهر طويلة وإعداد تقارير متعاقبة تثبت تورط هؤلاء الأشخاص في تجارة السلاح.
وتبين أمس من تفاصيل لوائح الاتهام أن تجارة السلاح في البلدات المذكورة تتم بسهولة وعلانية على غير المتوقع، وان شراء قطعة السلاح يتم في اغلب الأحيان عن طريق الهاتف ثم دفع المبلغ وتسليم قطعة السلاح وكل هذا يتم خلال ساعة لا أكثر.
وقالت النيابة إنها كانت تتعقب المكالمات الهاتفية من والى هواتف المشتبهين المراقبين وإنها كانت شاهدة على عمليات إتمام الصفقات بالتفاصيل رغم محاولة المشتبهين استخدام مفردات مشفرة اثناء حواراتهم مع “الزبون”.
فعلى سبيل المثال كان العملاء يرصدون حوارات مشفرة ليس من الصعب فك وتحليل شفرتها، مثال: “عندي اثنين بلاستيك في العلبة، بدي 15 ألف على كل واحد وفي كمان هذاك من أريحا، هو الثاني بـ 13 ألف، فاهم شو بقولك؟”، والمقصود هنا مسدسان “جلوك” ومسدس “أريحا”.
وكان تجار السلاح وفق ما ورد في لائحة الاتهام التي قدمتها النيابة يستخدمون في أحيان أخرى تعابير مشفرة ليتجنبوا الإفصاح الجلي عما يقومون به، ولكن الشرطة كانت تعرف ما المقصود بكل كلمة تقال، فعبارة “الروسي الطويل” تعني بندقية “كلاشنيكوف” وعبارة “الأمريكي الطويل” تعني “أم 16” وكلمة “التشيكي” تعني “CZ”. أما القنابل اليدوية فيطلق عليها “حبات الليمون”.
وجاء في لوائح الاتهام أن تسليم الأسلحة من التاجر إلى المشتري كانت تتم في الأزقة الضيقة البعيدة عن إمكانية التعقب ولا يمكن دخول السيارات فيها. وكانت تتم بسرعة فائقة لا تحتاج إلى تبادل حتى العبارات بين الجانبين.
وقالت نتائج التحقيق التي عرضت أمام المحكمة إن أسعار قطع السلاح الجنائي في هذه البلدات تعتبر غالية جدا مقارنة بالسعر الحقيقي لمثل هذه القطع من الأسلحة. فسعر المسدس يتراوح بين 12 إلى 15 ألف شيكل بينما سعر البندقية يتراوح بين 20 إلى 30 ألف شيكل.
وقالت النيابة أيضاً إن مصدر هذه الأسلحة هو الضفة الغربية حين يدور الحديث حول بندقية “كلاشنيكوف”، وأما حين يدور الحديث حول بندقية “أم 16” ففي الغالب يكون مصدر السلاح هو الجيش الإسرائيلي، ويتم التزود بهذه الأسلحة بعدة طرق. منها عمليات السطو على البيوت في البلدات اليهودية وسرقة قطعة السلاح التي يتم العثور عليها في البيت، والطريقة الثانية هي شركات الحراسة التي تحصل على أسلحة بطرق قانونية ولكنها تسربها بطرق غير قانونية إلى جهات جنائية مقابل مبالغ كبيرة.
وأوضحت النيابة أن قسما كبيرا جدا من الزبائن الذين يبحثون عن الأسلحة مؤخرا ليسوا من أصحاب السوابق الجنائية، بل ليس لهم أي ماض جنائي، وهذا ما يثير الخشية لدى الشرطة. ويقول هؤلاء إنهم يتزودون بالأسلحة لأن الظروف في بلدتهم تستدعي وجود السلاح في البيت تحسبا لكل طارئ.
وأضافت النيابة إن هناك من يتزود بقطعة سلاح فقط لاستخدامها في الأعراس وإظهارها أمام الآخرين كي يردع كل من تسول له نفسه بالتعرض له، أي أن هذه وسيلة لاستعراض القوة وإبعاد الاعتداءات المحتملة عن كل من يملك السلاح.
وعن الكميات التي تم ضبطها خلال هذه الحملة قالت النيابة إن التقديرات تشير إلى انه تم ضبط ما لا يزيد عن 10% من السلاح المتداول في المثلث الجنوبي وان السوق لا يحتمل الفراغ، وان مكان هؤلاء المعتقلين الـ 12 سيحل آخرون على الفور وسيزاولون نفس مهمة بيع السلاح.