ردت محكمة العدل العليا الاعتراضات التي قدمت لها منذ سنوات على قانون “المواطنة في إسرائيل”، والذي بموجبه منعت إسرائيل لم شمل العائلات العربية التي يكون احد الزوجين من المناطق الفلسطينية والآخر من المواطنين العرب في البلاد، وبهذا الرد تكون المحكمة قد شرعنت التعديلات على “قانون المواطنة”.
وذكر موقع صحيفة “هآرتس” اليوم الخميس، أن المحكمة العليا ردت ليلة أمس بأغلبية ضئيلة الالتماسات التي قدمت للمحكمة منذ 5 سنوات، حيث صوت 6 قضاة في المحكمة ضد هذه الالتماسات في حين أيدها 5 قضاة، وبهذا القرار فقد شرعنت المحكمة التعديلات التي كانت مؤقتة في إسرائيل، وجاءت على خلفية الانتفاضة وبررتها إسرائيل في حينه بأسباب أمنية محضة.
وقد شكل قرار المحكمة ليلة أمس ضربة شديدة للعديد من العائلات التي كانت تنتظر قرارا يجمعها مع عائلاتها في إسرائيل، خاصة أن الالتماسات قدمت منذ 5 سنوات من قبل عضو الكنيست زهافا غلؤون من حزب “ميرتس”، ومركز عدالة وجمعية حقوق الإنسان.
وقد برر القاضي أشير غيرونس رفض الالتماسات بقوله “إن حقوق الإنسان لا تعتبر وصفة للانتحار قوميا”، في حين اعتبرت رئيسة المحكمة دوريت بينش التي كانت في موقف الأقلية “أن المحكمة وقفت اليوم لتبحث موضوع شديد التعقيد يرتبط بحقوق الإنسان والديمقراطية، ومن جهة أخرى محاربة الإرهاب وقضايا أمنية”.
يشار إلى أن “قانون المواطنة” في إسرائيل الذي يوصف “بالمؤقت” لا يمنع فقط لم شمل العائلات الفلسطينية داخل إسرائيل وإنما يحدد أيضا العمر، فيجب أن يتجاوز الشاب الفلسطيني عمر 36 عاما في حين يتجاوز عمر الفتاة 26 عاما حين طلب الزواج من بعضهما، وقد صدر القرار الإسرائيلي بمنع لم شمل العائلات عام 2002 وبررتها بأسباب أمنية، وبعد ذلك أقرت الكنيست هذا القانون عام 2003، ومنذ ذلك التاريخ أوقفت إسرائيل لم شمل العائلات وصارت تصدر لهم تصاريح وإقامة مؤقتة فقط.
بركة: هذا قانون مقيت يفرض مقاييس عنصرية
من ناحيته قال النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، إن “مصادقة المحكمة العليا الإسرائيلية على قانون المواطنة العنصرية، هو إثبات آخر على انضمام أعلى مستوى في الجهاز القضائي الإسرائيلي إلى موجة العنصرية الجارفة في إسرائيل، خاصة بعد أيام قليلة من قبول ذات المحكمة بقانون إحياء النكبة العنصري”.
وقال بركة في أعقاب قرار المحكمة العليا الإسرائيلية “إن هذا القانون الذي يفرض بشكل عنصري مقيت، مقاييس لحياة الفرد الشخصية، ويحرم الإنسان العربي من حق اختيار شريك حياته، إذ كان من الضفة الغربية وقطاع غزة، أو من خارج الوطن، ونحن نجابهه منذ أن بدأ يظهر على شكل أنظمة طوارئ في العام 2002”.
وتابع بركة قائلا، إن “المحكمة العليا بتركيبة أخرى، في العام 2006، انتقدت القانون بشدة، إلا أن سلسلة التغييرات الجارية في جهاز القضاء، وانصياعا لموجهة العنصرية التي تجتاح كل زاوية في المؤسسة الحاكمة واذرعها، أوصلت المحكمة العليا لاتخاذ قرار يساند قانونا عنصريا لا مثيل له في العالم، بأغلبية 6 قضاة مقابل 5 قضاة، وكما يبدو فإن التغييرات الأخيرة في طاقم القضاة سيعزز أكثر هذا التوجه العنصري”.
وقال: “إن المحكمة العليا بقرارها وضعت المزاعم الأمنية الهشة، فوق كل المعايير والقيم الإنسانية، والحقوق الأساسية للإنسان، لتنضم بذلك إلى الرعاع العنصريين في الكنيست، وأيضا لعصابات “شارة الثمن” الاستيطانية، التي لا تكف عن ارتكاب الجرائم بحق العرب فقط لكونهم عربا”.
وشدد على أن قرار العليا أسقط آخر الأوراق التي كان يتستر بها الجهاز القضائي، ليجعل وجه القضاء تماما كوجه الرعاع الذين يسيطرون على الكنيست.
وقال بركة، إن قرار المحكمة العليا هو الثاني من نوعه خلال أسبوع واحد، بعد أن أقرت المحكمة قبل أيام قانون إحياء النكبة، الذي يعاقب مؤسسات رسمية في المجتمع العربي، في حال أحيت ذكرى النكبة، وهذا قانون يضع أساسا لقانون أشد خطورة في المستقبل القريب، خاصة بعد شرعن المحكمة العليا لهذا القانون.
الطيبي: زواج الفلسطيني يعتبر مؤامرة ضد امن الدولة
كما وصف النائب احمد الطيبي (الموحدة والعربية للتغيير) قرار المحكمة العليا الإسرائيلية برفض الالتماسات ضد قانون منع لم الشمل بأنه “وصمة عار على جبين كل واحد من القضاة الستة الذين اتخذوه”.
وأضاف الدكتور الطيبي: “إن فلسفة القرار تستند إلى عقيدة عنصرية ترى في العرب ضيوفا في وطنهم بينما ترى في اناستاسيا ميخائيلي الروسية التي اعتنقت اليهودية صاحبة الوطن. وإذا كانت اناستاسيا قد سكبت كأس ماء على عربي واحد فان قرار القاضي غرونيس والمحكمة العليا يسكب برميل ماء على الأقلية العربية كلها لأنه يقول عمليا لكل عربي فلسطيني من إسرائيل يتزوج من شريكة حياته الفلسطينية إن عليه مغادرة البلاد إذا أراد العيش مع زوجته لان عملية زواجه هي “مؤامرة” ضد امن دولة إسرائيل!!”.
وقال النائب الطيبي: “إننا ملزمون بفضح هذه القرارات والقوانين في المحافل الدولية بما فيها المحافل القانونية التابعة للأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات ذات الاختصاص”.