جمعة الحسم. بقلم: د. ثابت ابو راس
أيام قليلة تفصلنا عن إحياء الذكرى السادسة والثلاثين ليوم الأرض الخالد. يوم سقط ستة شهداء في القرى سخنين، عرابة، كفر كنا والطيبة دفاعًا عن حقنا جميعا في العيش بكرامة في وطننا.
ما أشبه اليوم بالبارحة. سياسة مصادرة الأرض العربية هي نفسها. بالأمس في الجليل واليوم في النقب. في الحالتين استعملت السلطات نفس الأسلوب التجميلي لأبشع الممارسات العنصرية. هناك تم الحديث عن “تطوير الجليل” واليوم يتم الحديث عن “تطوير النقب”. بالأمس كتبت وثيقة إسرائيل كينغ العنصرية واليوم نحن أمام وثيقة برافر الترحيلة. حتى إن الأجواء العامة نفسها حيث سبق يوم الأرض الأول حملة إعلامية شعواء ضد قيادة الجماهير العربية آنذاك ومورست الضغوط الكبيرة على رؤساء السلطات المحلية العربية لثنيهم عن الإضراب. واليوم ونحن نقف على أعتاب يوم ارض جديد وجلب قانون برافر للكنيست فنحن نشهد تصعيدًا مستمرًا في وتيرة التحريض ضد عرب النقب وقياداته الوطنية. هذا بالإضافة إلى حملات التشكيك الحكومية المختلفة والتي تهدف إلى ضرب وحدة عرب النقب ونسيجهم الاجتماعي.
المتتبع للإحداث في النقب يلاحظ في الآونة الأخيرة ازدياد التحريض على عرب النقب من خلال ربط بعض الأعمال الجنائية يقوم بها نفر قليل منهم بجميع المواطنين العرب في النقب. وللحقيقة أنا لا استغرب أن تقوم السلطات الإسرائيلية بتحضير بعض الملفات الساخنة, مثل اتهام بعضهم بالإرهاب أو التعامل مع “العدو” كل ذلك من اجل تشويه سمعت عرب النقب, تشتيت وحدتهم وضرب نضالهم العادل من اجل المحافظة على أراضيهم.
النشاطات التي يقوم بها عرب النقب، إن كان ذلك في نطاق لجنة التوجيه لعرب النقب أو من خلال مؤسسات المجتمع المدني تحرج حكومات إسرائيل واذرعها المختلفة. واخص بالذكر النشاط الدولي الذي فضح ممارسات إسرائيل العنصرية ضد عرب النقب. واليوم تطالب الأمم المتحدة بنفسها حكومة إسرائيل بإلغاء خطة برافر تعتبرها خطة عنصرية, حيث زار النقب في الأشهر الأخيرة مبعوثان للأمم المتحدة، هذا بالإضافة إلى سفراء الدول الأجنبية والوزراء والشخصيات الاعتبارية من العالم ووسائل الإعلام العالمية الرائدة. كذلك فأن هذا النشاط الدولي وصل إلى جميع دول العالم من خلال سفراءها العاملين في إسرائيل. هذه الدول أصبحت تطرح الأسئلة وتثير موضوع عرب النقب في محافل دولية كثيرة وفي علاقتها الثنائية مع إسرائيل. وبكلمات أخرى نحن الآن في معركة الأرض والمساواة ليس وحدنا بل أن العالم معنا مما يحرج حكومة إسرائيل.
ويبقى السؤال هل نحن جاهزون لما تبييته حكومة إسرائيل واذرعها المختلفة من مفاجآت لنا لتمرير قانون برافر العنصري؟ فترة الاعتراضات على القانون تنتهي هذه الأيام وتستعد الحكومة لجلب اقتراح القانون للقراءة التمهيدية عند افتتاح الدورة الصيفية للكنيست التي تبدأ في نهاية شهر نيسان. هل نستطيع حسم المعركة ضد اقتراح قانون برافر قبل إحضاره للكنيست بعد اقل من شهر واحد؟ الجواب مرهون بتجندنا لمهرجان يوم الأرض في قرية وادي النعم وجعل يوم الجمعة من 30 آذار هذا العام “جمعة الحسم” من خلال مشاركتنا جميعا وبألوف مؤلفه مطالبين بإسقاط مخطط برافر. .هذا المخطط لا يستثني أحدا من عرب النقب. حتى سكان البلدات السبع “الثابتة” ستتضرر حقوقهم بشكل كبير من تطبيق مخطط برافر. أما سكان قرى ابو بسمه التي أصبح الاعتراف بها فارغ المضمون فسيتم فتح خرائطها الهيكلية لإفساح المجال، الغير موجود أصلا، لاستيعاب, مئات العائلات الجديدة في كل قرية، ممن سيتم تهجيرهم من القرى الأخرى. وغني عن القول أن مخطط برافر هو مخطط هدفه مصادرة الأراضي العربية النقباوية وتهجير أصحابها إلى بلدات وقرى مختلفة في النقب.
مخطط برافر هو مخطط تهجير وترحيل قسري وليس مخطط توطين كما يدعون. المخطط الغامض العنصري بمضمونه لا يطرح أسماء قرى سيتم الاعتراف بها أو إقامتها ويتركز في عملية الترحيل والعقوبات لمن يخالف القانون الجديد. المخطط هو رسالة إلى الأقلية الفلسطينية في إسرائيل, في حالة تطبيقه سيكون بمثابة مرحله جديدة في تعامل الدولة مع مواطنيها العرب. حان الوقت أن تفكر قيادة شعبنا ومؤسساتنا في استراتيجيات مواجهة جديدة في وجه التسونامي القادم من النقب ليصل إلى مناطق وتجمعاتنا الفلسطينية في مدن الساحل, المثلث والجليل.