لم يتصرف المجتمع الدولي منذ تأسيسه تصرفاً صبيانياً مثلما هو عليه اليوم في تصرفاته مع الشأن السوري. وإن كان بعضهم يرى أن عبارة “صبيانية” قاسية، فهي لن تكون أقسى من دماء خمسين شهيداً يقضون يومياً – كمعدل وسطي – على قارعة الكاميرات التي تنقل صورهم المدماة للعالم، الذي ما زال يعقد المؤتمرات ويقدم الوعود، كما في مؤتمر “أصدقاء سوريا” بتقديم دعم اضافي الى الشعب السوري.
فهل كانوا قدموا دعماً أساسياً أو أصلياً، حتى يعقبوه بدعم اضافي؟!.. وهل يعتقدون أن “تفليس” بقالة في ما يسمى بالعقوبات الاقتصادية ستجعل الشعب يحقق طموحاته التي خرج لأجلها؟!
ثم تأتي مهمة كوفي عنان التي تلت مهمة لجنة جامعة الدول العربية، وكلتا المهمتين هي حركة استحياء خجولة من المجتمع الدولي الذي ما زال يعالج الجروح الصديدية على طريقة العلق..!
مهمة عنان لن تكون بأفضل من شقيقتها الصغرى، مهمة مصطفى الدابي، لأن النظام ليس بهذه السذاجة بحيث يقولون له “هيا يا شاطر اسحب قواتك من الشوارع”، فيضع النظام اصبعه في فمه خجلاً ويقول لهم: “حاضر”، ثم نجد بعد ذلك الآليات الثقيلة التي جثمت على صدر المدن لمدة عام تقريباً وهي تدير ظهورها متبخترة والناس يرشون عليها العطور التي تركها أبناؤهم الشهداء.
خطة كوفي عنان تعني أمرين:
الأمر الأول هي تعني للنظام أن الشوارع ستصبح خالية أمام المتظاهرين، يسرحون ويمرحون ويقيمون العراضات الشامية بالسيف والترس ويظلون يهزجون بــ”عريس الزين يتهنى” الى أن يصلوا الى القصر، ثم يطل عليهم من يقول لهم على طريقة ماري انطوانيت، التي قالت لشعبها “كلوا بسكويت” ولكن بالشامي: “كلوا قطايف”.
الأمر الآخر الذي قد تعنيه خطة كوفي عنان، هي أن يبقى النظام في الحكم وتحت حماية دولية، فالخطة تكون قد أمنت انسحاب آلياته وعتاده سالمة غانمة تحت بند وقف اطلاق النار. وتصبح العين على المتظاهرين بدلاً من الجيش، وأي هتاف حينها قد يعتبر خرقاً لوقف اطلاق النار، لأن الشعب أصلاً هذه هي ناره، ولو كان عنده نار اخرى، كالسلاح الذي يزعمون، لما آلت أموره الى ما هي عليه الآن.
ولذلك لن تنجح خطة عنان، وبالتالي على المجتمع الدولي أن يكون أكثر شجاعة ويفصح عن موقفه، بشكل صريح، هل فعلاً يريد تغييراً جذرياً في سوريا أم هو مبسوط بكونه يتلاعب بمشاعر الناس مثل عشيقة بلا احساس؟!
وبهذا الاحتمال الثاني من خطة كوفي عنان، يكون الشعب الذي قدم تضحيات على مدى عام كامل من أرواح أبنائه.. وأحفاده، لم يحصل حتى على.. القطايف..!