ألاحظ في العديد من وسائل الأعلام المحلية تعبيرات عربية لا اعلم كيف توصل اليها كاتبها ومن اين استلهمها، وأرى احيانا ان نصفها شعار ونصفها الآخر هتاف.
كلمتي هنا عن عبارة “الاسير المُحرَر” وهي عبارة تتردد كثيرا في الاخبار التي تتناول السجناء الامنيين الذي عادوا الى بيوتهم، وهم المناضلون الاوفياء الذين يعودون الى كنف اسرهم بعد سنوات في غياهب السجون الاسرائيلية.
اعتراضي على هذه العبارة لأنها تتضمن خطأين في كلمتين أي ان نسبة الخطأ في العبارة مائة بالمائة والمقصود ليس نحويا ولا لغويا بقدر ما هو متعلق بدلالتها والغاية من استخدامها في غير مكانها.
دعونا نتناول اولا كلمة “الاسير”: استخدامها هنا يعتبر خطأ لأن “الاسير” هو من يقع في الأسر لدى العدو اثناء حالة حرب معه، فهل السجناء الأمنيون وقعوا في الأسر اثناء حرب أو في ساحة معركة ؟ وهل تنسحب عليهم بنود معاهدة جنيف الخاصة بأسرى الحرب في مثل هذه الحالة ؟ بالطبع لا لأنهم سجناء ادانتهم السلطات بمخالفات أمنية. وقد نتفق او نعارض هذه السلطات ولكن حديثنا يتمحور حول العبارة وحسب.
وأما ان نقول “المُحرَر” فهذا خطأ آخر منتشر بكثرة لدرجة اننا لا نجد كلمة “الاسير” بدون ان تتبعها كلمة “المُحرَر”. كلمة “المُحرَر” لا مكان لها هنا اطلاقا، لأن السجين لم يتم تحريره في هذه الحالة وإنما انتهت محكوميته بكاملها ولهذا خرج من السجن. وفي كثير من الاحيان لا يتم الافراج عنه قبل انقضاء مدته حتى ولو بيوم واحد، لأن السجناء الامنيين لا يحظون بخفض ثلث مدة الحكم كباقي السجناء الآخرين.
إذن فهو ليس محررا، إذ لم يتعرض السجن الذي كان يقبع فيه لعملية عسكرية تحرر نتيجتها ولم يغادر الزنازين بعد عملية من داخل السجن اضطر سجانه بفضلها الى اطلاق سراحه. ورغم خروجه الى الحرية في نهاية الامر فإن احدا لم يحرره من سجنه قبل انقضاء محكوميته.
انها وجه نظر شخصية تعالج التعبير من جانبه اللغوي قابلة للمناقشة، والهدف منها ليس نزع هالة القداسة عن المناضل الذي قبع في الزنازين من اجلي واجلكم، بقدر ما هي لفتة ترمي الى دقة التعبير.
فإذا جاءت هذه التسمية بشقيها إكراما لمناضل حرم من الحرية وعذبه جلاده في الزنازين بسبب موقفه الوطني ، فهو لنا ارفع وسام نزين به صدورنا لأنه انسان غير عادي كباقي العباد بل هو مختار علينا جميعا بفضل مواقفه وتضحياته شئنا ام ابينا.
مع تحيات اختكم ام سامي