نفحات من التقوى: معاً لنرتقي بصيفنا
إن المتأمل في حال الناس في الإجازة خاصة وبقية الأيام عامة، ليرى التفريط الشديد في الحرص على الأوقات، والإشتغال بتوافه الأمور عن معالي الأمور.
لقد جاءت الإجازة الصيفية وصارت مساحة الصباح فارغة بالنسبة للأطفال. وبعد أن كنا نستيقظ في السابعة، ونهرول للوصول إلى نقطة الخروج من باب المنزل بعدها بساعة، صرنا الآن نستيقظ دون توتر، ثم بعد أن نتناول الفطور يبدأ الإلحاح من جانب الأطفال: ماذا سنفعل ؟ أين سنذهب ؟ كيف سنقضي وقتنا ؟
أيها الآباء و الأمهات: إن الأمة المبدعة لا تعرف تضييع الوقت لأن الوقت هو الحياة ولا ينبغي لعاقل أن يضيع حياته في برنامج ومسلسل وفيلم أجنبي.
سمعت أختاً تسأل فتاة على مشارف الأربعين تقول لها: ماذا تفعلين في أيام إجازتك؟ قالت: لا شيء، أمي تذهب للأفراح ، وأنا أجلس على القنوات أقلبها.
يا لله ألهذا الحد العمر هين ؟ حتى نقضيه في توافه الأمور؟ أنصل لهذا العمر وما زلنا نحمل عقولاً عقول الأطفال خير منها؟ نعم خير منها لأنها غير مكلفة؟
البعض من النساء والفتيات لا هم لهن إلا قتل الفراغ بالذهاب والإياب وعدم القرار في البيت والبحث عن الترفيه. والترفيه لا بأس بالمباح منه. لكن أن يكون هو كل اهتمام المرء، فهذا مدعاة لقسوة القلب. الآن لا نسمع سوى السؤال عن أفضل الدول والأماكن التي تصلح للسياحة والبحث عن أجودها وأفضلها بكل حيلة ووسيلة!
يا إخوتـــي: أما لنا همة عالية ؟ أما لكم أهداف تسعون لتحقيقها في هذه الحياة ؟ أو ما يشتاق أحدكم أن يحفظ كتاب الله عز وجل ويشتغل به ؟
فاحرص على أيام إجازتك، حتى الإجازة الأسبوعية. احرص على استغلالها، وضع نصب عينك هدفاً أو هدفين لا يمضي اليوم إلا وقد أنجزتها.
وفي الإجازة الصيفية، ضع لنفسك أهدافاً من حفظ لكتاب الله عز وجل وقراءة نافعة وعلم وعمل صالح لا تمض الإجازة إلا وقد أنجزتها.
ارغب بنقل لكم مثلا سويا يا حبذا لو قمنا بتقليده:
يقول أحد الآباء: القنوات الفضائية يشاهدها معظم الصغار والكبار في كثير من البيوت، والتوقف التام عن مشاهدتها ربما يكون صعباً، لذلك جمعت أبنائي وقلت لهم: هيا نبحث عن حل عملي نقلل من خلاله ساعات مشاهدتنا للتلفزيون، دون تضييع الوقت في المسلسلات الهابطة والأفلام والبرامج غير الهادفة. وهنا قال أحد أبنائي: اترك لي هذه المهمة، فسوف أحدد لكم ما نشاهده كل يوم، وسأضع برنامجاً للمشاهدة، ولكن إخوته اعترضوا قائلين: ولماذا لا نقوم نحن بهذه المهمة، ولفض هذا الاشتباك، قررت أن يقوم كل واحد منهم بدور وزير الإعلام المنزلي لمدة أسبوع، ويحدد لنا ما نشاهده خلال هذه الأيام، وبالفعل تنافس الأولاد في هذا الأمر، وعلقوا جدولاً في الصالة الرئيسية من البيت، وحددوا فيه الوقت الزمني ومادة المشاهدة، بل إن بعضهم أضاف الهدف من مشاهدة كل فقرة في الجدول الزمني الخاص بالمشاهدة، وهكذا انتصرنا على التلفزيون ونحقق أقصى استفادة من جلوسنا أمامه، وقررنا أن تستمر هذه التجربة في بيتنا على مدار العام.
وانتم من منكم سيكون الوزير الاعلامي في بيته ؟! اللهم سدد خطانا على الحق ونسأل الله ان تكون اوقاتنا كلها مثمرة وفي طاعة وعبادة وتفكر لله وان نكون مما يغتنمون الفرص.
اعداد: ام عمران – “دار الارقم” – الطيبة