عالماشي: فرقة ناجي عطا الله استخفاف بالمشاهد

بعد 30 سنة عاد الفنان الاكبر في العالم العربي عادل امام الى الدراما التلفزيونية من خلال المسلسل الرمضاني “فرقة ناجي عطا الله”، وليته لم يعد بهذه الطريقة.

اسم عادل امام به من العظمة والشهرة ما يكفل النجاح لأي عمل سينمائي او لمسلسل تلفزيوني او لمسرحية او حتى لبرنامج تلفزيوني يستضيف الفنان اللامع لحوار عادي.

من يتابع مسلسل “فرقة ناجي عطا الله” لا بد انه لاحظ عدم دقة المعلومات التي تطرح ضمن احداثه ، وهذا يعود اولا الى كاتب السيناريو يوسف معاطي الذي احترف الكتابة لأعمال عادل امام فقط وعادل امام لا يتعامل مؤخرا مع سواه من الكتاب في كل اعماله.

وإذا تغاضينا عن الهفوات المعلوماتية الواردة في المسلسل كذكر “الجامعة العبرية في تل ابيب”، فإن تصوير عملية التسلل من قطاع غزة الى اسرائيل بهذه البساطة لهي استخفاف بعقل المشاهد. ولو كان التسلل من قطاع غزة الى اسرائيل بهذه السهولة التي قدمها لنا المسلسل لما بقي الحصار قائما على القطاع يوما واحدا.

وإذا تابعنا تحركات فرقة ناجي عطا الله في الاراضي الاسرائيلية من القطاع وحتى بلوغ تل ابيب، نلاحظ انها قدمت لنا وكأنها رحلة مدرسية تم الاعداد لها بالتنسيق مع الجهات الامنية، فلا شرطة تعترض طريقها ولا حتى مواطن عادي الى ان تصل البناية المذكورة ويصعد افرادها سطح البناية الشاهقة الراقية دون ان يعترض طريقهم أي كان!!! وهنا علينا القول انه كان حريا بكاتب السيناريو ان يحاول المرور من امام بناية كهذه في تل ابيب ليرى بنفسه كم مرة سيوقفونه للتحقق من هويته قبل التوجه الى مدخل البناية او حتى التفكير بدخولها.

ولو انتقلنا الى عملية سرقة البنك الذي يصوره المسلسل على انه قلب الاقتصاد الاسرائيلي، وان المليارات مكدسة في خزينته مثلما تكدس الخضروات في أي دكان في بلدنا، بدا العمل الدرامي اقرب الى “حدوتة” لا يصدقها الصغار، فما بالك ان تقنع الكبار.

المعلومات تقول ان سيولة اموال الدولة تتكدس في “بنك اسرائيل”، وليس في بنك ليئومي، وإذا كان القصد الاشارة الى اكبر بنك، فهو بنك هبوعليم وليس ليئومي. ثم ما هذه العبقرية التي تتيح لجهاز كمبيوتر “لاب توب” من فوق سطح البناية ان يتحكم بكل انظمة الحراسة في البنك!!!! اشك في ان يتمكن هذا العبقري ان يهتدي الى كلمة المرور للارتباط بشبكة الانترنت المحلية اولا قبل اختراق منظومة الحماية في البنك.

المسلسل بمجمل احداثه يبدو سطحيا للغاية، ونحن لا نتحدث عن القدرات الفنية للفنان عادل امام، وإنما عن المعلومات التي يتضمنها المسلسل وهي مبنية على اوهام يريد الكاتب تسويقها للمشاهد العربي لتخدعه بما هو بعيد عن الحقيقة، فتزيد من العنجهية والمكابرة لدى العربي حتى يتخلى عن الاجتهاد والمثابرة والسعي نحو الافضل والاكتفاء بالاعتماد على الغباء المزعوم للآخر. وهذا توجه فيه جرعة كبيرة من التضليل. في ظاهره يشبه الحقيقة وفي باطنه خدعة فجة.

إذا كان الفنان عادل امام بقامة فنية تسمح له ان يوظف لديه سيناريست خاصا به (يوسف معاطي) ومخرجا خاصا به (ابنه رامي) ثم اختيار الممثلين الذين يشاركونه العمل فيجعل من توزيع هذه الادوار وسيلة يمن بها على من يشاء ويحجبها عمن يشاء، ولذا نجد ابنه الآخر محمد وسط المجموعة، فإن المسلسل بذلك تحول الى عمل درامي عائلي، وهو نموذج صارخ للمحسوبية في الدراما المصرية.

قد يقول قائل، المسلسل لا يعدو كونه للتسلية فقط! نعم، ولا اعتقد ان احدا من المشاهدين الذين يعرفون الحقائق على ارض الواقع يصدق ما جاء في المسلسل من وقائع وأحداث تدور هنا في البلاد، ولكن المشاهد في الدول العربية يتعرض لخديعة خطيرة، يستهلك ما يقدم له من مشاهد لا تمت للحقيقة بصلة عبر اعوجاج مرآة التربح السوقي، وهذا اخطر ما يمكن ان يصيب المواطن العربي سواء رجل الشارع الذي يبحث عن مثال يحتذي به او “المسقف” العربي الذي يبحث لنفسه عن “نبي” جديد يؤمن به.

اذا واصلنا بناء تصورنا عن الآخر بهذه السطحية الواردة في المسلسل، فليس لنا سوى ان نلوم انفسنا على جهلنا ، لأننا لا زلنا صغارا نصدق بارتياح حدوتة “الشاطر عادل”، وكل عام وانتم بخير !

مع تحيات اخوكم :ابو الزوز