نُحبُك يا كنيست لو تعلمين كم ! بقلم: نضال محمد وتد
نعم نحن “أعضاء الكنيست”، عربا ( مسلمين ومسيحيين ودروز) ويهودا ( شرقيين وغربيين) علمانيين ومتدينين… نحبك أيتها الكنيست، فأنت أولا مصدر عزنا، ومصدر مجدنا، فبدونك لا وجود عام لنا ولا جماهيري ولا دولي، ولا إعلام ولا صحافة ولا ندوات ولا مؤتمرات ولا رحلات ولا جولات… فكل ذلك يتأتى لنا بفضلك، ونحن بدورنا نبادلك مشاعر الود والامتنان ، ونعاهدك أننا لن نتخلى عنك، ولا عن مقاعدك المصنوعة من جلد الغزال ولعلها من جلد الظبي، فنحن لم نعد نميز بسبب بلادة أحاسيسنا، و”تمسحتنا” بين الظبي والغزال…
نحبك يا كنيست لو تعلمين كم، كما لو كنت الكونجرس الأمريكي أو الدوما الروسي أو قبة البرلمان في أكبر ديمقراطية عربية… نحبك جميعا، عربا ويهودا، قد يكون بيننا من يفسدون علينا هذا الانسجام والتلاحم في الحب، لكنهم قلة اثنين أو ثلاثة لا أكثر أما الباقي فكلنا نحبُك آه لو تعلمين كم، وكلنا على استعداد لبذل الغالي والنفيس في سبيل البقاء في قاعتك المغطاة بالحجر المقدسي العتيق، فلا ماركس قادر على التفريق بيننا، ولا الخليفة إذا قامت الخلافة، ولا حتى “المشيح”…
دعكِ من التهريجات والمسرحيات الاستعراضية الرخيصة التي تلوميننا على الإتيان بها وتمثيلها ببراعة، تغضبين علينا أننا نستبيح ونهزأ بمقامك ونجعلك تشعرين بالخجل من هذه السلوكيات السوقية والرخيصة، ومن المسرحيات المفضوحة… فأنت تعلمين علم اليقين أننا لا نفرط ببعضنا. كل ما هناك أننا بحاجة، كل في معسكره أو من يظنهم “مهابيله” إلى فرقعات إعلامية تلفزيونية، نتقاتل فيها “قتال الديكة” ، لكننا بعد إطفاء أضواء الأستوديو نعانق بعضنا بعضا، ونتبادل الضحكات والنكات، هل تذكرين مثلا مسرحية دولة أكونسيها، ام مسرحيات وخطابات “القاضي الكبير الذي أتى بفعل حقير”، بربك أيتها الكنيست هل كنت تحلمين أن يستعير أو يستعين “سياسي” عربي بكاتب مستوطن لإعطائه جملة واحدة كافية لإبراز ألمعيته؟؟؟
عذرا أيتها الكنيست الغالية… نعتذر لك عن كل تصرف تهريجي قمنا به. لكن ما العمل فالعين بصيرة واليد قصيرة، ونحن مجرد أعضاء برلمان في دولة صغيرة، والعالم والإعلام فيها لا يرحم، فلا أحد مثلا ينظر إلى دوف وتشريعاته، لكنهم لن ينسوا يوما تهريجات تشارلي بيطون…ولا أحد يقدر حق قدره الوزير دان مريدور لكن أحدا لن ينسى مسرحيات ابن الندابة تساحي هنغبي وهو يبث خطابات رابين مقاطعا خطاب رابين في الكنيست وهو يقول له من فمك أدينك…
ماذا تريدين منا أن نفعل كي نضمن بقاءنا داخل أسوارك المنيعة ، ونحمل جواز سفرك الدبلوماسي… لم يعد هناك مكان لمزيد من النظريات والطروحات، والأنكى من ذلك أن الضغط هائل، فنحن ملزمون بأن نبقى في الإعلام، أو هكذا على الأقل نظن ، خاصة من لا يملكون منا رؤى حقيقية وطروحات جادة ورصيد حافل بالعمل لا بالقول والتصريحات والتهريجات والمسرحيات… الجمهور لم يعد يرحم، والمنح قد لا تكفي ، والإسلامية قد تنشق على بعضها والديمقراطي لم يعد ديمقراطي، فطلب شاخ في الكنيست، والشيخ بانتظار قرار المشايخ، والرفاق اليهود والعرب يبحثون عن العدالة الاجتماعية، وعن أوسلو وطيباتها ثم يدافعون عن بشار وممارساته، والقوميون يبحثون عن معادلة تقي سوريا مصير العراق وتعطي الشعب حريته، وهم أصلا لا يلقون بالا إليك ، صحيح أنهم يريدون البقاء هم أيضا داخل أسوارك، لكنهم سيفسدون علينا حبك وحب رئيسك….
نحُبك أيتها الكنيست… آه لو تعلمين كم … فلا مكان لنا غيرك، بدونك نحن “مقاطيع” ونواب سابقين، وبك نحن جزء من كل .. آه لو تعلمين كم يكلفنا البقاء في حضنك… وكم من الأيادي سنقبل ونبوس، وكم من القرى النائية سنزور لعذرتينا عندها وفهمت سبب بهلوانيتانا وتهريجنا وأدركت أنه كله نابع من حبنا لك ولعرفتِ أن مِنَ الحب ليس فقط ما يقتل بل أيضا ما “يطير ضبانة العقل” للبقاء داخل أسوار الحبيبة.. أيتها الحبيبة ….