لبنان: اغتيال وسام الحسن – كيف ولماذا ؟
قتل وسام الحسن فدفن مع العميد الكثير من الأسرار الأمنية في لبنان، التي أصبحت في حضرة الغياب. لربما كان هذا هو السبب الذي أدى إلى عملية اغتياله.
أثارت عملية اغتيال العميد وسام الحسن، رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني، جملة من التساؤلات حول الجهة التي تقف وراء الحادث، خصوصًا بعد بروز دور كبير للحسن في كشف معلومات، أدت إلى منع وقوع انفجارات في لبنان في وقت سابق، ومن ثم توقيف الوزير السابق ميشال سماحة، أحد أبرز رجال النظام السوري في لبنان.
وتعتبر الأوساط اللبنانية بأن الحسن كان يملك الكثير من الأسرار، وأصبح كنزًا للمعلومات التي باتت الآن في حضرة الغياب بعد اغتياله.
لأنه أوقف سماحة
سارع مسؤولو أحزاب لبنانيون إلى اتهام سوريا بالوقوف وراء الانفجار، الذي أودى بحياة الحسن وعدد من الأشخاص بالإضافة إلى 110 جرحى تقريبًا.
فقد رأى رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع أن العميد وسام الحسن هو”من بين المسؤولين القلائل الذين لم يهابوا شيئًا ويكشفون الحقائق”، مشيرًا إلى أن مقتل الحسن في انفجار الأشرفية هو “ضربة أمنية قوية للدولة وللحكومة وللشعب اللبناني”، قائلا “لولا انه يوجد نوع من الغطاء والإختراق لما كان قُتل الحسن”، وأضاف: ” ما من ظالم إلا وسيبلى بأظلم”.
وردًا على سؤال حول سبب استهداف الحسن، أجاب جعجع: ” لأنه أوقف ميشال سماحة”. وتابع جعجع من موقع الإنفجار: “قافلة الشهداء طويلة وكلنا سنكمل، المهم أن نأخذ قراراً بالإستمرار مهما كان الثمن”، وأضاف: ” حتى آخر لحظة مستمرون بكل روح سليمة، وما حصل اليوم كبير جداً، لكن لا أحد يقدر على قتل شعب بكامله”.
وختم جعجع بالقول: “أسأل كل العالم أن ينظروا، من العام 2005 حتى اليوم، كل الضحايا هم من 14 آذار، أسأل كل العالم، من يمكن أن يكون وراء هذه الاغتيالات.
لا نتهم أحدًا في الداخل
واتهم النائب وليد جنبلاط صراحة الرئيس السوري بشار الأسد بإغتيال العميد الحسن، مشددًا في تصريح صحفي متلفز على أن الأسد أحرق سوريا ويريد أن يحرق المحيط.
وقال جنبلاط في حديث متلفز عبر المؤسسة اللبنانية للارسال، إن الحسن كان يحميه أمنيًا، لكنه قال: “لن نخاف ولا يجوز أن نتهم احدًا في الداخل والا نقع في فخ بشار”.
واشار جنبلاط إلى أن الضربة قاسية والحكومة معرضة لشتى الاتهامات، لافتًا إلى أن الرئيس السوري “مش فرقانة معو” فهو يقتل شعبه فهل سيسأل عن لبنان؟
وشدد جنبلاط على عدم التسرع في اتهام فريق داخلي كي لا يتم توريط لبنان. وقال: “ثمة اكثر من ميشال سماحة في لبنان، ونصيحتي للحريري الاستمرار في المواجهة السياسية الهادئة لأن الكلمة أقوى بكثير من الرصاص”.
أجواء تذكر بالعام 2005
كثير من المصادر، وخصوصًا في قوى 14 آذار التي كان يعد الحسن آخر حماة قلاعها الأمنية، تلفت إلى أن الأجواء التي سبقت اغتيال العميد الشهيد تذكر إلى حد كبير بالأجواء التي سبقت اغتيال الرئيس رفيق الحريري في العام 2005، من حيث حملات التشهير والتخوين التي تعرض لها العميد، خصوصًا بعد أن ألقى القبض على الوزير السابق ميشال سماحة متلبسًا بقضية نقل المتفجرات من دمشق، بالتنسيق مع أعلى المراجع الأمنية السورية.
كما كان للحسن الدور البارز في كشف المكالمات الهاتفية التي أدت إلى كشف خيوط هذه الجريمة، كما الجرائم التي سبقتها، من اغتيال الرئيس رفيق الحريري، مرورًا بجريمة تفجير عين علق، وانتهاءً بقضية سماحة.
ولم تشفع له جهوده الجبارة في كشف العشرات من الشبكات التجسسية الاسرائيلية التي اخترقت المجتمع اللبناني عامة، والبيئة الحاضنة للمقاومة خصوصًا، فكان عرضة للهجوم الدائم من جانب قوى 8 آذار، وخصوصًا من النائب ميشال عون وأركان تياره الوطني الحر، على خلفية مطالبته الدائمة بداتا المعلومات، التي حرم منها منذ تقلد وزراء هذا التيار وزارة الاتصالات في الحكومات المتعاقبة.
كما ثابرت صحفية “الديار” على اتهامه بفبركة ملف سماحة، بالتعاون مع المخبر المخابراتي ميلاد الكفوري، في محاولة للتأثير في مصداقيته ومصداقية فرع المعلومات، تلبية لأوامر سورية لإخراج سماحة، ومن خلفه أعوانه السوريين، من مأزقهم.
شحن مستمر
ولم تتوقف الحملة الشعواء التي تعرض لها العميد الحسن عن هذا الحد. فقد ذهبت الديار أبعد من مسألة سماحة وغيرها، باتهامه تحديدًا، في عددها الصادر صبيحة يوم اغتياله، بأنه “يوزع السلاح علنًا على الاصوليين وعلى الاسلاميين، من بلدة القلمون حتى حدود عكار، ويحضّر لهجوم من الجهة اللبنانية بعد تسليح حوإلى عشرة آلاف شاب لبناني من الاصوليين، يتمركزون في وادي خالد واكروم، للهجوم على سوريا من شمال لبنان في مرحلة لاحقة عندما يظهر أن النظام في سوريا قد اصبح ضعيفاً إذا حصل هذا الضعف”.
وكانت الصحيفة نفسها قبل أيام اتهمت العميد بتسليم معلومات عن طائرة حزب الله “ايوب” الاستطلاعية إلى المخابرات الأميركية، مشيرةً إلى أنه اتهم الجيش اللبناني بإفساح المجال لحزب الله لإدخال الطائرة مجزأة عبر مطار رفيق الحريري الدولي.
وبلغ بالصحيفة سردها حد الكلام عن التحضير لإجتماع بين العميد الحسن وضباط من الموساد في باريس “لتنسيق الخطوات ضد المقاومة ونظام الرئيس السوري بشار الأسد”، مع رواية لقاء الرئيس سعد الحريري ومسؤول إسرائيلي في قطر، بحضور الحسن.