بقلم: نضال محمد وتد – تشير كافة التقديرات إلى أن اقتراح السلطة الفلسطينية، أو للدقة منظمة التحرير الفلسطينية، بالاعتراف بفلسطين دولة مراقبة في الأمم المتحدة سينال أغلبية كبيرة بمعارضة إسرائيلية وأمريكية وميكرونيزية.
وسيكون هذا الفوز الدبلوماسي الفلسطيني حجر الزاوية من اليوم فصاعدا لضخ الدم والحياة في عروق سلطة رام الله الممسوخة، بعد أن كانت حتى قبل أسبوع، سلطة “غير ذي صلة”. وسيستغل عباس ورجالاته ورموزه، ومن طار منهم من هنا ،ليتصور أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك، مرسلا، كالعادة صوره للصحافة الإسرائيلية، بانتظار أن تنقلها عنها العربية، هذه المسرحية للقول بصدقية مسار الحياة مفاوضات والحياة تنازلات بدليل أنه سيكون لنا علم مراقب في الأمم المتحدة، لكن العلم الإسرائيلي سيبقى على الحاجز، يمر من تحته رئيس الدولة غير كاملة العضوية في غدواته وروحاته، دون أن يقدر على منع مجند إسرائيلي من اعتراض موكبه من وإلى جسر الشيخ حسين.
والواقع أن المسعى الفلسطيني الذي تأخر كثيرا، جاء باعتراف الجميع لإنقاذ سلطة رام الله، أولا، ولطمس والتخفيف من حجم النصر المعنوي والسياسي الذي حققه صمود المقاومة في قطاع غزة، لحكومة حركة حماس، مقابل تعريته لسقوط حكومة رام الله في مستنقع الاستجداء والتوسل ببعض رموز السيادة والاعتبار حتى لا تضيع الضفة ولا تسقط بأيدي “الإسلام السياسي”.
ومن الأهمية بمكان التأكيد هنا أن مسرحيات عباس التي تشبه إلى حد بعيد مسرحيات من “يتضامنون” معه في الكنيست الإسرائيلي، كانت مفضوحة وهو يحاول أن يستجدي شرعية مواطنيه وشعبه من خلال الترويج لتهديدات ليبرمان من جهة، أو “صموده الأسطوري” في وجه الضغوط الأمريكية وإصراره على التوجه للأمم المتحدة من جهة أخرى. فالجميع يدرك أنه لولا صمود غزة تحت نيران “عامود السحاب” وسط صمت سرايا رام الله، لما التفت الغرب إلى عباس وضرورة إبقائه على هرم السلطة في رام الله خوفا من ثورة شعبية ضد من صمت وشعبه تحت النار في القطاع، وتفرغ لاستقبال وفود برلمانية إسرائيلية جاءت تشد على أياديه، بدلا من أن تحضه على اتخاذ موقف حقيقي مع أبناء شعبه في القطاع، لا استخدام القطاع فزاعة يخيف فيها إسرائيل.
ومع أننا سنشهد مهرجان تطبيل وتزمير لحكمة الرئيس (أبو مازن) وصدق طريقه التنازلي الاستسلامي، إلا أن الناس عندنا ستعرف وتدرك زيف هذا التطبيل وأنه مجرد “كبرة على خازوق” لأن شيئا لن يتغير في واقع الفلسطينيين لا في الضفة الغربية ولا في غزة. ومن عمل على إحباط اعتماد تقرير غولدستون لن يسارع للانضمام لمحكمة الجنايات الدولية،وهو بالتأكيد لن يطلب محاكمة أصدقائه الإسرائيليين، من أولمرت وبراك وليفني على جرائمهم، سواء التي ارتكبوها في عدوان الرصاص المصبوب أو الأخيرة في عدوان عامود السحاب.
سيلتهي الناس هنا باحتفالات النصر بدولة ممسوخة، لا حدود لها ولا جيش ولا سيادة حقيقية، فيما تستعد أحزاب إسرائيل لإبراز حجم الانتصار الأوسلوي فقط لضمان بقاء سلطة تتعهد بالا توقف (تنسيقها) الأمني مع جيش الاحتلال، لمناكفة نتنياهو باعتباره مؤسس دولة حماس في القطاع والدولة غير كاملة العضوية في رام الله، لكنها جميعا ستقف سدا منيعا أمام أي محاولة تمرد أوسلوية على الخطوط الحمراء.
هذه هي الملهاة الجديدة، سيسكب رجالات أوسلو حبرا كثيرا على براعة المفاوض الأوسلوي، ولتمجيد الانتصار الوهمي على إسرائيل نتنياهو، وسيردد هؤلاء عبارة “شاء من شاء وأبى من أبى” سيئة الصيت، وسيعلنون للمرة الألف ولادة دولة فلسطين المشوهة ليس حبا بفلسطين ولا انتصار للثورة ولكن كما قال عريقات في مقالة خص بها صحيفة معاريف، إن أوسلو الفلسطينية ذهبت لنيويورك فقط من أجل حماية حل الدولتين، مع أننا كنا نظن أن الثورة قامت لتحقيق الدولة الفلسطينية، وأنها جاءت لتحمل هم فلسطين وشعبها لا لتريح إسرائيل من خطر “الدولة الواحدة” ولا لتحمى لإسرائيل حل الدولتين….