بقلم: نضال محمد وتد – هذه عمليا الأهداف الرئيسية الأولية التي تريد إسرائيل تحقيقها من عدوانها الجديد على غزة، على الرغم من أن التحضير له استمر عدة شهور.
فاغتيال قائد كتائب عز الدين القسام، أحمد الجعبري يعني أولا تجميد وضرب القدرة التنفيذية للذراع العسكري لحماس وإبقاء حماس مشلولة لبعض الوقت حتى لو تم اختيار خليفة للجعبري خلال ساعات من اغتياله، فستترك الضربة أثرا على نشاط حماس وقدرتها على المناورة سياسيا قبل قدرتها على المناورة عسكريا، إذ أن وجود كتائب القسام تحت قيادة الجعبري شكل ظهرا لحماس في نشاطها السياسي، وجعلها منيعة أو على الأقل شبه منيعة من أن تكون لقمة سائغة أو دمية تحركها إسرائيل، وبالتالي فإن اغتيال الجعبري يتيح لإسرائيل متسعا للمناورة على جبهات ثانية أقل مناعة لسهولة العمل فيها.
وثاني هذه الجبهات هي السلطة المشوهة الخلقة والكيان في رام الله. فضرب حماس والعدوان على غزة بعد أيام معدودة من تهديدات ليبرمان بتفكيك السلطة وإسقاط عباس إن أصر على التوجه للأمم المتحدة، سيترك هو الآخر أثرا ويلقي بظلاله على سلطة رام الله المتعاونة أمنيا مع إسرائيل تحت مسمى “التنسيق الأمني”، ويجعلها أكثر تعلقا وخوفا على مصيرها وبالتالي قد يجعلها تخضع للضغوط الإسرائيلية، وأن سعت أو تمكنت في المرحلة الأولية من “الاندفاع” مستنكرة الجرائم الإسرائيلية في غزة، لكن ذلك لن يمنع بالضرورة عودة لسيناريو ما حدث في حرب الرصاص المصبوب عندما أضاعت سلطة عباس، تحت طائلة الضغوط الإسرائيلية، احتمالات وفرص اعتماد تقرير غولدستون ومحاكمة إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.
والجهة الثالثة، أو الهدف الثالث هو وضع مصر الإخوان المسلمين على محك التجربة والاختبار لمعرفة وسبر غور حقيقة المواقف المصرية ومدى جدية الرئيس المصري الجديد ونظامه في الدخول في مواجهة مع إسرائيل في الوقت الذي تواجه فيه الدولة المصرية تحديات التنظيمات الجهادية والسلفية في سيناء.
إلى ذلك هناك الاعتبارات الداخلية لحكومة نتنياهو في أوج المعركة الانتخابية، فالرجل الذي تباهي قبل شهر أنه لم يخض حربا خلال ولايته الثانية، وجد نفسه مضطرا إلى ركوب موجة “الإطاحة بسلطة حماس وضرب الإرهاب” حتى يعيد الإمساك بخيوط وزمام الأمور في فرض الموضوع الأمني (لا السياسي) على جدول المعركة الانتخابية، دون أن يكون مضطرا للالتزام بمسيرة سلمية أو عملية سياسية أيا كانت. وبالتالي فإن الضربة العسكرية ستعيد الأجندة الأمنية والعسكرية والخبرات المفترضة عند خصومه وفي مقدمتهم شيلي يحيموفيتش التي تفتقد إلى أي خبرة أو معرفة عسكرية أو أمنية، بينما يمكنه التلويح بتقرير فينوغراد ضد أولمرت إن قرر الأخير العودة للحياة السياسية.
خلاصة القول إن العدوان على غزة يوفر لنتنياهو فرصة لضرب حماس وتهديد عباس واختبار مصر وفي الوقت ذاته أيضا رصيدا أمنيا وعسكريا إضافيا يحمله في المعركة الانتخابية دون أن يتمكن خصومه من الادعاء أن العدوان كان مجرد دعاية انتخابية لأنهم سارعوا إلى التطبيل والتزمير للحرب وبالتالي فإنهم لن يتمكنوا في حال كان العدوان محدود الأمد دون تورط في عملية برية واسعة داخل غزة، أن ينقلبوا على نتنياهو بعد أن كانوا صمتوا إبان العدوان. وسيتمكن نتنياهو هذه المرة من تسجيل حرب “محدودة” في سيرته الذاتية دون أن يخاطر بخسارة الحكم وفقدان الشعبية في ظل انعدام بديل حقيقي ( في نظر الناخب الإسرائيلي على الأقل).