هذه طيبتي

اين اختفى التهديد الايراني ؟ بقلم: افيعاد كلاينبرغ

هل سمع أحدكم في المدة الأخيرة عن التهديد الايراني ؟ قبل بضعة اشهر فقط كانت البلاد في ضجيج من التهديد وقام العالم وقعد وتحدثنا ليل نهار عن التهديد. وكان خبراء يؤيدون التهديد وآخرون يعارضونه. وانضم ساسة الى الحكومة جراء التهديد وتركوها بسببه. وكانت رائحة المحرقة في الهواء ولم يكن يحول بيننا وبينها سوى ونستون نتنياهو.

لم يكن شيء مهما كالتهديد. فقد كتب صحفيون مقربون من وزير التهديد من أكيروف مقالات عن التهديد وقالوا ان اسرائيل منذ بداية الخليقة واجهت مرتين فقط مفترقا يعادل هذه اللحظة في أهميته وحذرونا بقولهم انه يجب علينا ان نحسم الأمر الآن، إذ أن رمل الساعة ينفد. وإذا كان علينا ان نتشاجر مع الولايات المتحدة بسبب التهديد فسنخوض الشجار وإذا كان علينا مهاجمة العقل الرصين فينا فسنهاجمه لأن نافذة الفرص أخذة بالانغلاق، وهذه هي لحظة الحسم ولن نسمح لأحد ان يملي علينا بما نفعل لأن الامر يتعلق بأمن اسرائيل. ولن نترك متساده تسقط من جديد، وما الى ذلك من الثرثرة التي لا نهاية لها.

والعجيب ان التهديد قد اختفى فجأة. لست أقول ان الاشكالية مع ايران لم تعد قائمة، بل قائمة. وطالما لم يتخلوا الايرانيون عن برنامجهم النووي فمن المنطق ان تكون لدينا اسباب كثيرة تدعو الى القلق (فالرمل ينفد ونافذة الفرص تغلق واللحظة المواتية تهدر).

أفترض ان كل من على عاتقه اداء دور ما قد ادى واجبه وفعل المطلوب منه، ولكن الهستيريا تلاشت مرة واحدة. فكيف للشعور بالتعجل والذعر وحماسة الخطابة ان تختفي بين عشية وضحاها؟

لست أعلم مقدار الخطر الايراني، لكنني أعلم انه لم يعد للعقول الكبيرة في الحكومة مصلحة بمناقشته علنا. ها هي المحرقة تعود الى وكرها الطبيعي في التاريخ، وتتراجع التنبؤات بقدوم نهاية العالم الى مكانها غير الطبيعي في آخر التاريخ. تلاشت الدعوة الى تغيير النظام العالمي وحلت بدلا عنها دعوة المواجهة وخوض الشجار المعهود على الصعيد المحلي.

نحن لا نحارب ايران بل الفلسطينيين. ولا نواجه سلاحا جويا متطورا وترسانة صواريخ مخيفة لامبراطورية نفطية اقليمية، بل نواجه مواسير تطير الينا من نصف دُويلة فقيرة تقع خلف الجدار.

ان كل شيء واضح جدا ولطيف جدا وكل ما نحتاجه في الصراعات غير المتكافئة بيننا وبين الفلسطينيين هو ان نغير تعريف الانتصار فننتصر ونبني المستوطنات. ونثير غضب العالم وهذا ايضا واضح جدا ولطيف جدا، فقد كنا هناك ألف مرة من قبل، ولن يفعلوا لنا شيئا في نهاية الامر وسيكون الامر على ما يرام لأن التغاضي والصفح يحمينا.

كيف حدثت هذه المعجزة ؟ أين اختفى أفظع تهديد وجودي في تاريخنا ؟ اختفى لأن اوباما فاز في الانتخابات وخاب رهان نتنياهو على رومني، ونتنياهو الذي لا يفهم سوى لغة القوة، يجب عليه الآن ان يكون أكثر حذرا. في المقابل وعلى صعيد انتخابات الكنيست فان نتنياهو لا يرى أي تهديد.

ولتغفر لنا تسيبي لفني هذا السؤال: هل هي ملائمة لتكون رئيسة وزراء ؟ ارى ان هذا سؤال كالسؤال هل اصلح أن أكون انا رئيسا للولايات المتحدة. ان المعسكر الآخر مشرذم ومنقسم ولا ضرورة باللجوء الى سلاح التلويح بتهديد “يوم القيامة” (الايراني) بل يكفي قرع خفيف لطبول الحرب وعملية محدودة على الجبهة مع الفلسطينيين لترتيب كل شيء في مكانه.

مما يثير الدهشة انصياع الساسة ووسائل الاعلام واستجابتهم كالقطيع. فحين يقول هرتسل (أعني نتنياهو) ان الامر يتطلب جرعة من الذعر فان عظامنا ترتجف خوفا في الحال وحين يقول نتنياهو (أعني هرتسل) انه المطلوب الآن ان نتوقف فإننا نتوقف. إن للسلطة في اسرائيل سيطرة مطلقة على الوعي هنا.

وحين يكون اولوياته مختلفة (اجتماعية) فإن الذعر يتملكه ويطلق التحذيرات الحادة بعدم تجاوز الخطوط الحمراء المتمثلة بالاجماع الوطني قيد انملة مشيرا الى يحيموفيتش. الخطوط الفاصلة بين المسموح والمحظور يحددها أسياد الوعي وكلاب حراسة الديمقراطية، الذين استبدلوا ولاءاتهم دون ان يعترفوا بذلك حتى امام أنفسهم.

وهنا نقول لا تقلقوا من التهديد الايراني فهو بحال جيد وسيتم اللجوء اليه إذا استدعت الضرورة ذلك. والمطلوب منكم الآن ان تتجادلوا حول البناء في المستوطنات ومن غير المهم ان توافقونا الرأي وانما الاهم هو ان تواصلوا طوال حياتكم الموافقة على الاولويات التي نحددها لكم نحن.

هذا المقال مترجم عن يديعوت احرنوت – 4/12/2012

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *