كثيرون منا من يتشوقون للاستمتاع بمشاهدة كل ما هو ملفت في عالم الفن وحين نتحدث عن الرسم فإننا نتحدث ايضا عن عالم مليء بالتشويق وبالحيرة في الشكل والمضمون. وإذا اراد احد منا ان يبحث في حزن الناس وظلم الواقع وان يلمس بعض الاسقاطات السياسية، فلينظر الى لوحات ابنة الطيبة الفنانة احلام جمعة.
الفنانة احلام جمعة من الطيبة وهي ام لخمس بنات وولد وهي خريجة معهد الفنون في معهد بيت- بيرل وحاصلة على اللقب الاول في التربية والفنون منذ 2002 وحاصلة كذلك على اللقب الثاني في موضوع الاستشارة التربوية في 2007. درست علم التنمية البشرية coaching كما تخصصت في علاج من يعانون من مشاكل في التركيز والإصغاء ADHD وذلك في معهد التخنيون في حيفا 2011.
ومن عام 2002-2007 عملت كمدرسة للفنون في عدة مدارس، ومن سنة 2006-2007 عملت كمستشارة تربوية في المدرسة التكنولوجية في الطيرة ثم في مركز الموهوبين في الطيبة ومن ثم في مدرسة “السلام” الاعدادية في الطيبة وفي المدرسة الثانوية التكنولوجية عمال 1 في الطيبة. وتعمل الفنانة التشكيلية احلام جمعة الآن مستشارة تربوية في كلية عمال للعلوم والتكنولوجيا في الطيبة.
بوادر الفن خربشة على الجدران وطاولة المدرسة
بدأت الفنانة مزاولة الرسم منذ كانت صغيرة، وتقول ان بوادر فنية نمت بداخلها حين خربشت لأول مرة على الجدران وعلى طاولة المدرسة. اما مشاكسة زمانها فتعتبرها مختلفة عن مشاكسة اليوم، لأن كل مشاكس من ذلك الزمن، كبر وكبر معه شيء يميزه. فمن كان يجمع الطباشير صار معلما ومن كان يعلب بعقارب ساعته صار طبيبا ومن اخفى حقيبته تحت معطفه حتى لا يبللها الشتاء صار محاميا. حياة الماضي بعفوية الناس وتواضعهم اجمل من حياة اليوم.
ماذا عن لوحاتك ومشاركاتك في المعارض ؟
شاركت في عدة معارض ومن ضمن نشاطاتي انني عضو في جمعية “ابداع” وهي جمعية للفنانين والمثقفين تدعم وتضم فنانين من مختلف القرى والمدن العربية في البلاد. لا شك ان أي مشاركة تحمل لي دائماً أشياء مميزة وتضيف لموهبتي الكثير وهي فرصة للقاء بالناس ومعرفة انطباعهم، وأعظم مشاركة كانت لي في معرض “الحصيرة” وهو معرض فردي وفيه جمعت من كل بيت طيباوي سجادة صلاة مع امنية من صاحب المنزل. فكانت هنالك امنيات من اسرتي كالنجاح والسلام والاطمئنان. واذكر انه كانت هنالك امنية لسيدة مسنة ان تمنت حياة افضل لابنها السجين، ولا أنسى أبداً اليوم الأول، افتتاح المعرض فقد كنت متنبهة لأدق التفاصيل وكأنها لحظة ميلاد، إنه لشعور طيب ان احظى بنظرات الاعجاب من المحيطين بي. ثم كان هناك معرض “الكسور” في تل ابيب حيث شيدت حائطا من بلاط السيراميك بالتعاون مع زوجي ولونت قسم من البلاطات بالوان اكريلية سوداء وبواسطة مسمار نقشت عليها انواع من الاسلحة التي استعملت خلال الانتفاضة الثانية. وكذلك معرض في صالة العرض في ميناء يافا للفن الفلسطيني بإشراف الفنان محمد كنعان ومعرض “هاجر” في تل ابيب حيث عرضت لوحات فنية تعبر عن بعض الاسقاطات السياسية بعنوان “الطميمة” ثم كان معرض نتانيا عن طريق جمعية “ابداع”، وقد حصلت على جائزة من رئيسة بلدية نتانيا مريم فايربيرج . وشاركت برسم لوحات الموسوعة العربية لسميح ناطور وهي شخصيات سياسية عربية مشهورة مثل حافظ الاسد وياسر عرفات وحسني مبارك.
كيف تختار الفنانة موضوع اللوحة
تستخدم الفنانة احلام جمعة في ابداعها تقنيات ومواد مختلفة منها: الالوان الزيتية والاكريليك والباندا والرسم بالرصاص وبالفحم وبالطباشير وبأقلام التوش. وترسم احلام بأسلوب واقعي- تعبيري وتستعمل الكولاج والأعمال المركبة وغيرها ولكنها تنتمي الى المدرسة الواقعية.
وتصارحنا الفنانة احلام فتقول: بطبعي أحب أن اعكس احاسيس المجتمع. فمثلا لوحة “الطميمة” عبارة عن عدة اشخاص معصوبي العيون يقتادونهم الى واقع قد يكون السجن والألم والغربة او حتى واقع مدينتنا لما فيها من عنف وفوضى. لوحة اكريليك وهي عبارة عن خرز على الخشب، حبات من الخرز الشفاف تقاربت من بعضها البعض فوق ارضية سوداء تمثلت على شكل هالة من الضوء هي الأم.
وتتذكر احلام اولى لوحاتها “البيت القديم” و “الفلاح” و”الكرسي الخشبي” في منزلهما وهي صغيرة شجرة باحة الدار ومواضيع اخرى.
الدمج بين وظيفة المستشارة التربوية والفنانة
تواصل الفنانة احلام جمعة حديثها فتقول: “اعمل مستشارة تربوية منذ سنوات واشعر ان كل طلاب المدرسة اولادي، احرص على الاصغاء لمشاكلهم وعلى التواصل معهم وأحاول قدر استطاعتي اسداء النصائح لهم”.
وتؤكد الفنانة ان عملها كمستشارة امتدادا لابداعها في مجال الفن، ففي كلا الحالتين يتطلب التعامل مع المشاعر ويعتبر ايضا من انواع الفنون اذ يحتاج الى فهم الانسان وقراءته كما يحتاج لفهم اللوحة وقراءتها وتفسيرها.
وتختتم الفنانة حديثها لموقع “الطيبة نت” شاكرة دعم ومساندة اسرتها لها في مشوارها الفني.