إيخ أتا مرجيش؟ – بقلم: علاء الريماوي

سؤال باللغة العبرية ترجمته: كيف تشعر ؟ هذا السؤال كان حاضرا في نقاش على الإذاعة العبرية التي تناولت حال المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية بعد إعلان لبيرمان منع صرف أموال المقاصة الضريبة لمدة أربع أشهر والذي أنذر بتأخير صرف رواتب السلطة مما تسبب بموجة من الاحتجاجات والإضرابات خاصة في حقل التعليم وبعض المؤسسات العامة.

هذا الحال في السياسات الإسرائيلية يزداد يوما بعد يوم ويأخذ بالتبلور كإستراتيجية للتعامل مع الشعب الفلسطيني وإدارة الصراع معه.

الحديث عن هذه الإستراتيجية يمكن تلمسه من خلال المتابعة لما فعلته الحكومات المتعاقبة منذ انتفاضة الأقصى والتي أخذت حينها شكل الحصار للقيادة السياسية مع تقليص في حجم المساعدات المالية الغربية مصاحبا ذلك هجوما مركزا من جيش الاحتلال على البنى التحتية وتدميرها ، وكان الجزء الأهم في ذهن القيادة الإسرائيلية إعادة صياغة المشهد الفلسطيني بشكل مغاير ومختلف في الشكل وفي الأولويات.

هذا الواقع انعكس على التركيبة السياسية الفلسطينية وكذلك البنية المجتمعية حيث توضحت كثير من الآثار أهمها الاضطراب الداخلي ، و التغيير في موازين القوة للأحزاب السياسية ، والانقلاب في مفاهيم الثقافية الحاكمة للسلوك العام بكل توجهاته.

هذه المتغيرات العامة ظهرت بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية وتشكيلها الحكومة العاشرة والتي قوبلت بحصار مالي غير مسبوق كشف عن حجم الكارثة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قدرته على الصمود الذاتي كما كان الحال في انتفاضة العام 1987.

وجه الكارثة كان حاضرا من خلال صور مبعثرة أهمها غياب الطبقة الوسطى ، و ضعف الاقتصاد المنزلي ، وترك الاهتمام بالأعمال الحيوية والمساندة كالزراعة ، والتربية الحيوانية وغيرها من الحقول المهمة في بناء مجتمع قادر على الصمود.

في متابعتي لبعض المشاريع الغربية المقدمة للمؤسسات السلطة يحيرك الاهتمام بالأسئلة الآتية: حجم تربية المواشي ، تعداد الحيوانات المتواجدة لديك ، مدى الاعتماد على الاقتصاد المنزلي ، السلوك الغذائي في الأسرة ، وجود آبار مياه في البيت وإعداداتها على الجي بي أس ، حجم الأراضي الزراعية ، عدد أ فراد الأسرة الذين يعملون في الوظائف العمومية.

في نقاشي مع أحد موظفي وزارة الزراعة حول طبيعة النشاط الذي تقوم به الوزارة ومدى الاهتمام بالأسئلة المطروحة ، كانت الإجابة غير متوقعة حين قال ” نحن لا نعمل ” لا يوجد لدينا قسم لمتابعة كروم الزيتون ، لا مشاريع لدينا لتشجير الأراضي الفلسطينية ، لا رؤية في موضوع تنمية الحقل الحيواني بشكل منهجي ، الأهم لا حضور لإستراتجية وطنية في هذه الوزارة يمكن البناء عليها لتأسيس حالة صمود في الأزمات التي يمكن أن نتعرض لها.

هذا النموذج أردته لمناقشة حجم الكارثة في الضفة الغربية التي إمتدت من عهد أوسلو وصولا إلى حكومة السيد سلام فياض والذي وصل التدهور في عهده إلى مستويات غير مسبوقة من خلال المحاور الآتية.

1 . سحق المدخرات الفردية من خلال تسهيل المعاملات البنكية التي رفعت مستويات الاهتمام بالحاجات التكميلية على حساب أمن الأسر الفلسطينية الاقتصادي.

2. ربط المواطن في الضفة بالاقتصاد الوهمي القائم على المديونية الضخمة وفق ما يعرف بسياسة القروض البنكية المفتوحة والمنضبطة بكفالة الراتب غير الآمن.

3 . إعتماد سياسة النمو الشكلي من خلال التركيز على دعم المشاريع الخاصة في الأبنية والمنشآت غير الاقتصادية وغياب شبه كلي للمشاريع التنموية القادرة على خلق فرص عمل دائمة تقلل الاعتماد على الخارج وتساهم في حركة الصمود المجتمعي.

4 . الاعتماد على منهجية السلوك الآمن وعدم وضع خطط بديلة لاستيعاب حالة الأزمة المتوقعة خاصة ونحن نعيش تحت الاحتلال.

5 . إهدار المال العام من خلال تركيز صرف جزء مهم من الموازنة على الأجهزة الأمنية التي لا يمكن وصف سلوكها بالتنموي.

6 . إتخام المؤسسات العامة بالموظفين الخاملين من خلال وظائف ليس لها دور في تنمية المجتمع و الأهم أن ذات المؤسسات وجب الوقوف على دورها في ذلك.

هذه النقاط الست أردتها اليوم لفتح نقاش عميق حول سؤال العنوان: ما هو شعور المواطن في الضفة الغربية في ظل الأزمة القائمة والجوهرية ؟

ما تدركه إسرائيل عن المجتمع الفلسطيني من خلال المقومات المادية كبيرا ، وما تدركه أيضا من إمكانات السلطة أيضا يفوق ما سبق ، لذلك فإن حربها على هذه الجبهة يؤتي أكله في الضغط على المواط .

Exit mobile version