حنين عنوان المرحلة: فقد استبدلت الصحافة الإسرائيلية هذا الأسبوع ومنذ الأحد، عندما أعلنت صحيفة نتنياو “يسرائيل هيوم” على صفحتها الأولى بالبنط العريض وجود أغلبية لشطب النائبة حنين زعبي ومنعها من خوض الانتخابات، استبدلت الحبر، بسموم العنصرية والفاشية شنت فيها حملة تحريض دموية لم تتورع فيها، لأنه لم يكن أمامها من مفر آخر، عن الكذب والتضليل ونشر الافتراءات لشيطنة حنين زعبي على طريق احتلال الوعي الإسرائيلي،ليتسنى له قبول الشطب والتسليم به كتحصيل حاصل تتحمل مسؤوليته حنين زعبي، وكتمهيد لشطب التجمع الوطني الديمقراطي.
وقد يسرائيل هيوم رفعت لواء العنصرية الفظة والعلنية المكشوفة في تحريضها ضد حنين زعبي، كما ظهر ذلك جليا في أكثر من مقال نشرتها الصحيفة كان أولها مقالة ماتي توخفيلد، الذي زعم وادعى أن حنين زعبي لم تتوقف عند تجاوز الخطوط الحمراء ، بل زادت على ذلك حسب افتراءاته بالاعتداء على جنود الاحتلال عند اقتحام مرمرة والكذب ، مستذكرا أنها تسير على خطى عزمي بشارة، وهو المنحى نفسه الذي اتبعه أيضا إيلي حزان وبنفس الطريقة، زائدا على ذلك إلصاق تهم دعم “الإرهاب ومساندته” والدعوة “لانتفاضة ثالثة”. حزان أثنى أيضا على جهود أكونيس لشطب زعبي داعيا المحكمة العليا إلى استخلاص العبرة من عدم شطبها في العام 2006 للتجمع الوطني وقائده المفكر عزمي بشارة، وسد الطريق هذه المرة أمام حنين زعبي.
لكن الأمر لم يقف عند يسرائيل هيوم التي بات القاصي والداني يعرف أنها بوق نتنياهو، ومرآة لما يفكر به هو حزبه، فقد انضمت صحف أخرى إلى التحريض على حنين زعبي والتجمع. لكن هذه الصحف، التي لم تستطع مقاومة إغراء العنصرية المكبوتة، هل نقول البنيوية، في داخلها فاتخذت منحى آخر يربط في العقل اللا واعي عند الإسرائيلي بين حنين والتجمع من جهة وبين غلاة المتطرفين في اليمين الإسرائيلي من جهة . ودعا كتاب في يديعوت وغيرها إلى السماح (يخلف عليهم) لحنين بخوض الانتخابات لنفس السبب الذي يسمح فيه لبن ارييه ومارزل بخوض الانتخابات (أنظر مقالة أفيعاد كوهين) ومن باب الموازنة . كما نشرت يديعوت كاريكاتيرا خصصته لحنين وهي تجلس في مقصف الكنيست، بينما يظهر في طرفه بن أريه وروتم وهم يحملون شعلة نار ويرددون أنهم جاءوا يالنور والنار لطرد حنين.
لكن أخطر ما جاء في سياق أسبوع العنصرية الإسرائيلي ورقصة الزار العنصرية المجنونة، هو في كتابات ليللاخ سيغن، وميراف بطيطو وآخرون ممن دعوا إلى “طرد حنين زعبي” ليس فقط بسبب مواقفها بل وبالأساس ، من منطلق متعالي يكرر الادعاء الحكومي بأن النواب العرب لا يخدمون ولا يهتمون بمواطنيهم وناخبيهم، وأنه يحق للعرب نواب أفضل. وكان منهم من دعا إلى عدم الشطب ليس احتراما للديمقراطية الحقيقية أو للحق الأساسي لحنين زعبي بخوض الانتخابات بمواقفها الوطنية المعلنة، بل لأن “العرب يزينون الديمقراطية الإسرائيلية.
ولعل أكثر ما صدر من رد فعل يخبء في طياته عنصرية مخملية ، بيضاء، ومتعالية على العرب، هي دعوة هآرتس إلى منع “الشطب الجارف” مما يعني القبول “بشطب انتقائي”!
بنيت والعودة إلى الاستيطان الزاحف: جاء اجتياح رجل الهايتك السابق، نفتالي بنيت لقيادة حزب البيت اليهودي (المفدال سابقا) ليشكل عمليا خطوة وقفزة تعيد اليمين المسيحاني من ساحات التحريض الأهوج والاستيطان المتمرد على كل شيء بغطاء توراتي، التي ميزته في العقود الثلاثة الأخيرة تحت قيادة حنان بورات ويستحاق هليفي والراف ليفنجر، إلى أيام المفدال التاريخية ليوسيف بورغ.
يبدو بنيت، الذي بات يهدد قوة الليكود في أوساط المتدينين والمحافظين، كم استطاع أن “يستوطن، بكل معنى الكلمة في قلوب هؤلاء ومسح الصورة المتطرفة للمفدال التي رسمها ورسخها حنان بورات، ليستبدلها بصورة اليهودي المتدين والعصري، رجل العالم الكبير، الذي يسير على خطى تعاليم التوراة، فهو لا يريد نزع الأرض بالقوة، ولا يريد دولة فلسطينية، لا يزاود على نتنياهو بل يقول إنه يريد تحصين نتنياهو وشد أزره ضد الضغوط الدولية، لكنه يطالبه بأن يقر ويعترف علنا أنه لا مكان لدولة ثالثة بين النهر والبحر.. وبحسب الإشارات المختلفة والاستطلاعات فإن بنيت مرشح لأن يكون الفائز الأكبر في الانتخابات، وهو ما جعل الليكود يخصص حصة الأسد من جهوده الدعاية لمواجهة خطر بنيت، ومواجهة هروب الأصوات الدينية التي جاءت لليكود بعد أن ملت سياسة البيت اليهود تحت قيادة أورليف الذي اعتبر امتدادا لبورات وهامر وليفنغر.
بقلم: نضال محمد وتد