الملاحظة الأولى: النتيجة الاولى للانتخابات هي ان بنيامين نتنياهو هو رئيس الوزراء الإسرائيلي القادم. والنتيجة الثانية أن معسكر اليمين المتطرف وفي مركزه حزب “الليكود بيتنا”، فاز بأغلبية مطلقة ولو كانت بصوت واحد. والنتيجة الثالثة، أن النواب في الكنيست القادمة أكثر تطرفاً من السابقة، التي كانت متطرفة بامتياز. باختصار قد يكون هناك جديد تحت الشمس، لكن هذا الجديد هو بوزن الريشة ولن يكون له تأثير فعلي على السياسات وعلى اتخاذ القرار في القضايا الكبرى.
الثانية: ليس صدفة ان يبدأ نتنياهو تصريحاته السياسية بالحديث عن مواجه الخطر النووي الإيراني، فهذا الموضوع هو بمثابة معناطيس لجذب الأحزاب الى الائتلاف، هكذا حدث مع المرحومة “كاديما”، التي دخلت حظيرة نتنياهو في الصيف الماضي على اساس انه قد يكون صيفاً ساخناً على الجبهة الإيرانية. يستحضر نتنياهو “الخطر الإيراني” لمخاطبة الاحزاب التي يريدها في الائتلاف بلغة ما يسميه “المسؤولية القومية”، ولا ينسى الإشارة الى المقاعد الوزارية الوثيرة.
الثالثة: يسعى نتنياهو إلى تحويل ضعفه الى قوة، فهو بحاجة اكثر الى ائتلاف واسع، وهو يعتقد ان هذا يساعده على الساحة الدولية ويجعل حكومته أقوى وأكثر قدرة على مواجهة الضغوط، اذا مورست. فمهما كانت الاغلبية اليمينية التي تدعمه، فهو بحاجة الى ورقة توت من احزاب الوسط. قبله جاء بيجن بديان، وجاء شارون ببيرس، وجاء هو ببراك، ليقوموا بدورهم بتجميل صورة حكومة اليمين دولياً. حتى اليوم كان رئيس الوزراء من الليكود يأتي بشخصية من تيار حزب العمل، ولكن هذه الشخصيات “التاريخية” اصبحت نادرة الوجود واضمحلت، لذا يسعى نتنياهوالى جذب لبيد، قوي الوجود في الكنيست وضعيف الحضور على الساحة الدولية، والى استمالة تسيبي ليفني، التي تشكل حالة عكسية.
الرابعة: كان بإمكان الناخب العربي ان يزيد عدد مقاعد القوائم العربية، لكنه لم يفعل وبقيت الامور على ما كانت عليه، رغم ارتفاع طفيف، لكنه مهم، في نسبة التصويت. ومع ذلك حدث امر مهم في هذه الانتخابات وهو ارتفاع كبير في عدد الأصوات التي حصل عليها التجمع، الذي خاض الانتخابات وحده في قائمة مستقلة. لا يستطيع احد ان يدعي، كما حدث في الانتخابات الماضية، بأن أصوات التجمع ليست كلها للتجمع. لقد استمر صعود قوة التجمع وحضوره اليوم اقوى من الماضي، وطموحه اليوم اعلى من السابق.
الخامسة: التجمع في طريقه الواثقة والواعدة للتحول الى القوة المركزية على الساحة السياسية العربية في البلاد. هذا هو المعنى الحقيقي لنتائج الانتخابات الحالية. لقد تخطى التجمع كل الصعاب والمشاكل والتحديات التي واجهته في السنوات الاخيرة، واجتازها كلها وتوجه للناس في الانتخابات طالباً دعمهم وتأييدهم، ولم يسبق ان لقيت كوادر التجمع هذا الاستقبال والحفاوة والاحتضان، كما في الشهر الأخير. لقد سمعت من العشرات من كوادر التجمع عبارة “التجمع مقبول على كل الناس”، هذا ذخر للحركة الوطنية وهذه اشارة الى أن الموقف الوطني الملتزم والصلب والعمل الجدي من اجل مصالح الناس وحقوقهم هو ما يريده الناس فعلاً. معركة الانتخابات الاخيرة شكلت نقلة نوعية للتجمع، وهذا يحملنا مسؤولية اكبر ويفتح امامنا مجالاً اوسع.