الأخ عزام الأحمد أخ وصديق وعشرة عمر عشناها معا كأبناء جيل ومدينة واحدة، وكل منا يعرف الاخر جيداً وعلاقتي به لم تشبها شائبة رغم خلافات وقعت بيني وبين أقرب الناس إليه، وما زالت علاقتي به جيدة…وهذا لا يمنع من أن أقف أمام أمر هام استفزني منه.
كثيرة هي المرات التي رأيت خلالها الأخ عزام الأحمد يتحدث في الفضائيات وبشكل مستفز رغم أنه يحاول أن يكون هادئاً عملاً بنصائح محبيه، ولكن (الطبع غلب التطبع) فأنا أعرفه جيداً وهو من النوع الذي لا يحتمل الضغط، وانفجاره أسرع من الضغط ذاته، وأحياناً أجده محقاً في بعض صرخاته وانفعالاته لأنه من النوع الصريح والواضح وأكاد أجزم أنه صادق أحياناً.
ولكن هذه المرة وفي مشهد ليس غريباً على أبو نداء كان فيه أمر ملفت ولا أقول خطيراً رغم أنه كان يصنف في الزمن الذي مضى بأنه خطير وخطير جداً. ما أزعجني ودعاني للكتابة وبهذه الطريقة شيء هام حسب وجهة نظري وهو ما سأوضحه هنا ..
المشهد .. جلسة حوار بين حماس وفتح من أجل المصالحة. المنصة الرئيسية الأخ عزام والأخت حنان عشراوي والأخ عزيز دويك. وحسب ما رأيناه على اليوتيوب أنه وأثناء الحوار وفي مشهد “طفولي للغاية”، قال الأخ عزام شيئا أغضب الدكتور دويك، وكل ما سمعناه أن الدكتور دويك اعتذر عن البقاء وقال سأنسحب. فكان جواب الأخ عزام مقنعا ً بقوله: هذا هروب. وأضاف قائلاً: أنت من الأشخاص الذين لا تريدون المصالحة.
الى هنا الكلام جيد وعادي ومقبول وغير طفولي، ولكن جملة أخيرة قالها عزام وهي التالية: “أنا أعرف كيف كنت تنسق مع رابين من زمان”.
هنا أتوقف أمام هذه المقولة وأسأل الأخ عزام: يا أخ عزام طبعاً أنت تعرف هذا الأمر منذ زمن، كما قلت: لماذا لم تصرح به قبل اليوم وقبل هذا الخلاف الطارئ ؟ وهي معلومة خطيرة طبعاً دعتك لحظة الغضب أن تقولها؟
سؤالي: لو أن الدكتور دويك لم يزعجك وسارت الأمور كما تريد لها هل كنت ستقول هذا الكلام ؟ طبعا الجواب… لا، ولما كنا عرفنا منك أنه كان على علاقة مع رابين حسب قولك.
هنا أتوقف مرة أخرى أمام هذا الاتهام وأسأل: هل التنسيق مع رابين شيء معيب ؟ بمعنى التنسيق مع الجانب الإسرائيلي هل هو معيب ؟ والعيب هنا تعني (الخيانة). وهل نحن أمام إستراتيجية جديدة تعيدنا إلى ثقافة أيام زمان، أيام ما كان الاتصال بالعدو معيبا وخيانة؟ يا ريت ! وتعالوا نعمل جرد حساب لكل الذين نسقوا وتعاونوا وتحدثوا وووالخ.
الأخ عزام ..لا أريد أن أغوص أكثر لأني لا أمتلك مقياس الأعماق
والأمر جداً مربك ومعقد ولكن أجدني أمام تساؤلات كثيرة فرضتها عبارتك التي وجهتها للدكتور دويك. ولا أريد أن أضع تصوري ولا تحليلي ولا رأيي بقدر ما أريد قوله باختصار: هل من المنطق أن يخرج شخص بحجم ومكانة الدكتور عزيز دويك من جلسة حوار من أجل المصالحة التي ينتظرها شعبنا بفارغ الصبر يخرج ويعطل طاولة الحوار لمجرد خلاف ما يمكن حله بمزيد من الحوار الهادئ وهو رئيس للمجلس التشريعي يخرج وكأنه طفل أزعلته المُدرسة ؟
وهل أيضا يجب أن يكون رد فعل الأخ عزام الأحمد بهذا الكلام غير المنطقي وغير المسئول من خلال رمي الكلام بدون أي ضابط ولا حساب للعواقب ..وكأننا في حارة ..؟
إذا كان مصير القضية الفلسطينية قد وضع بين يدي أشخاص يحردون لمجرد خلاف في الرأي، وأشخاص يردون على الحرد بالاتهام والانتقام، بينما يشتمنا الإسرائيلي كل يوم وهو يقتلنا ويعذب أسرانا ويدمر منجزاتنا كل ساعة فاسمحوا لي أن أقول: وأسفاه على القضية التي يتحاور من أجلها طفلان.
بقلم : منذر ارشيد