الحاجة خيرية عارف حسن (ام فيصل) تبلغ من العمر 87 عاما امد الله بعمرها ، من مخيم نور شمس قضاء طولكرم وهي والدة الشهيد رأفت زهيري الذي سقط في احداث يوم الارض في الطيبة عام 1976.
ولمن لا يعرف، فقد سقط الشهيد رأفت زهيري قرابة الساعة العاشرة من صباح يوم الثلاثين من مارس / اذار من عام 1976 ، يوم الارض الاول حين كان برفقة مجموعة كبيرة من الشبان يواجهون افراد حرس الحدود في منطقة بنك هبوعليم سابقا، منزل ابو نزار الناشف.
وتواجد رأفت زهيري في الطيبة لدى اصدقاء له من المدينة، فشاءت الاقدار ان اندلعت المواجهات اثناء تواجده في الطيبة فانخرط الى جانب شباب الطيبة وكان اشجعهم لأنه شاب متمرس في مواجهات الجنود لأن الاوضاع في قريته نور شمس تشهد مواجهات اشرس من هذه وباستمرار.
وكان رأفت زهيري في مقدمة المجموعة الطيباوية التي تجمهرت الى الشرق من موقف تكسيات نتانيا، عند منزل ابو حازم الناشف، وراحوا من هناك يرشقون الجنود بالحجارة ثم يختبئون خلف منزل ابو نزار ليتزودوا بالحجارة من جديد فيطلون من خلف المبنى ويرشقون بضعة احجار وهكذا .
رأفت زهيري كان يضع على وجهه لثاما احمر، على طريقة المواجهات التي تدور عادة في مخيمهم، لئلا يتعرف عليه الجنود لاحقا، واللثام الاحمر ليس سوى شال كان على رقبته قبل ذلك فجعله لثاما.
هذا اللثام كان علامة بارزة لهذا الشاب الذي ازعج الجنود منذ الصباح وكان يطل عليهم احيانا من جهة العمرة شرق الساحة وتارة من جهى بيت الاستاذ زكي الناشف، والجنود يلاحظون انه حيثما يظهر هذا الشاب يسير خلفه عشرات الشبان فأيقنوا انه القائد.
وصدر الامر للقناص بإطلاق النار عليه، وبالفعل لم تكن رصاصة مطاطية ولا قنبلة صوتية وانما رصاصة حية في الرأس، فما ان اطل الشهيد رأفت من خلف منزل ابو نزار يحمل عدة احجار يريد القائها باتجاه الجنود الواقفين حيثما محل ابو ابراهيم حاليا، حتى اطلق احد القناصة رصاصة وحيدة بعد ان كان رأفت تمكن من القاء حجرين فقط من خمسة احجار في يديه، وسقط مكانه صامتا.
حمله اصدقاؤه باتجاه مقبرة باب الرحمة، والبقية معروفة. استقبلت الام عند صباح اليوم التالي جثمان ابنها ودفنته وسط زغاريد النسوة اللواتي غمرنها بالتهاني باستشهاد ابنها. اما الطيبة فقد انتدبت المرحوم عبد الحميد ابو عيطة (ابو عصام) على رأس وفد طيباوي لتقديم التعازي باسم الطيبة جماهيرا ومجلسا محليا إذ كان المرحوم ابو عصام آنذاك نائب رئيس مجلس محلي الطيبة، ثم غابت الطيبة عن ام الشهيد ونسيها الجميع وكأنها لم تلد للطيبة آخر الابطال الشهداء.
موقع “الطيبة نت” وبمناسبة الذكرى السابعة والثلاثين زار الحاجة ام فيصل وحاورها ليتعرف كل اهالي الطيبة عليها بعد ان تعرفوا على ابنها الشهيد دون ان يسمعوا شيئا عن ذويه في مخيم نور شمس.
الايام لم تكن رحيمة على الحاجة ام فيصل، فقد استشهد ابنها البكر فيصل اثناء دراسته في جامعات اليونان بعد ان توجه الى لبنان في عام 1982 ابان المعارك في مخيم تل الزعتر، لتصبح ام الشهيدين، بكرها فيصل وثاني اطفالها رأفت. الحاجة ام فيصل انجبت ثمانية ابناء واربع بنات، وهي الآن في السابعة والثمانين من العمر وتعيش في مخيم نور شمس.