الانتماء في المفهوم العام ، كلمة اعتقد انها معروفة لأغلبنا ، كلنا نعرف هذه الكلمة ونستخدمها كثيرا وفي اكثر من موقف ، منذ فترة وانا افكر في هذه الكلمة ، في معناها، ماذا تعني وكيف نفسرها، هل الانتماء مجرد كلمة، ام هو مجموعة افعال، فكرت كثيرا وكالعادة خطر ببالي اسئلة ووجدت لبعضها اجابات في ذهني تكونت بسبب التربية والمجتمع وعوامل أخرى كثيرة ، قررت ان اكتب هذا الموضوع وان اطمع في ان تشاركوني الرأي.
للانتماء عدة صور، فهناك الانتماء للدين، للبلد، للأهل، للعائلة…..الخ
فلنبدأ بالدين، اغلبنا ينتمى الى دين معين ، فما هو تفسيرنا للانتماء الى هذا الدين ، هل هو مجرد تصنيف يكتب في البطاقة او في شهادة الميلاد ، هل هو فقط لأداء شعائرنا ولتحديد مواعيد اعيادنا ، هل هذا هو الانتماء الديني ام ان هذا الانتماء يفرض علينا واجبات كثيرة ، الا يفرض علينا ان نكون سفراء لديننا ، ان نتعلمه ، ان نعرف واجباتنا ، ان نتبعه ، ان ننشره ، ان نحافظ عليه ، هل كل من تباهى بانتمائه هو بالفعل منتمي ، ام ان هناك ما يفرضه علينا هذا الانتماء ، اين نحن الان من لانتماء الى ديننا ، وما هو مفهوم هذا الانتماء؟
ثانيا البلد: الانتماء الى البلد، هل الانتماء الى البلد الي ربتني هو مجرد تحديد الرقعة الجغرافية ، هل هو مجرد تحديد لاسم البلد المكتوب في الهوية اسئلة اخرى تفرض نفسها، هل نعتبر من هم خارج البلد اقل انتماءً لانهم تركوه ام قد يكونوا اكثر انتماء ممن يعيشون داخل حدود البلد ويخربونه ، من منهم اكثر انتماء، هل انتمائي لبلدي يقاس بالرقعة الجغرافية التي اسكن فيها ؟ اعتقد ان انتماءنا لبلد معين يفرض علينا واجبات كثيرة. الانتماء ليس فقط لتحديد جنسية في خانة الجنسية لتكملة شهادة الميلاد او البطاقة ، اعتقد ان كلمة انتماء لها معانى عميقة، وهي تعني الكثير . اعتقد انها تعني الاحساس بحب البلد والرغبة في الدفاع عنه و التباهي بالانتماء اليه مهما حدث، التضحية من اجله، الانتماء للبلد هو ان نربي ابناءنا على حب البلد، على معنى كلمة البلد، الانتماء للبلد، هو التعرف على تاريخه، على حاضره والمساهمة في بناء مستقبله، ما هو مفهوم الانتماء الى البلد، هل كل من قال انا وطني، ينطبق عليه شروط الانتماء ؟
ثالثا البيت والاهل والعائلة: الانتماء الأسرى و الانتماء العائلي، اسئلة تشبه تلك التي سألتها عن الانتماء للدين والوطن وجدتها عندما فكرت في الانتماء العائلي والاسرى، هل الانتماء العائلي هو مجرد ان ينتهى اسمي بلقب، وان يتباهى البعض بهذا اللقب، انا من عائلة فلان وانا من عائلة علان، ام انه لقب ليكتب لا قدر الله في النعي، اعتقد ان الانتماء العائلي ليس فقط ان احمل لقبا ، ولكن هو على الاقل ان اكون على صلة بأفراد عائلتي، ان اسأل عنهم، ان احترمهم، كم من بشر يتباهون انهم من تلك العائلة وهم لا يعلمون حتى اشكال افرادها، هل هذا يعتبر انتماء؟ اعتقد انه من اولى مبادئ الانتماء هو ان نعلم اولادنا معنى الاهل والاسرة والعائلة ، ان يرى الاطفال اهلهم يسألون عن اقاربهم و يصلون ارحامهم، ان يرى الاطفال اهلهم يحترمون اهلهم ، الانتماء هو ان نعلم اطفالنا معنى العائلة وان نعرفهم من هي عائلتهم حتى و ان كانوا يعيشون في بلد اخر .
اليس هذا هو الانتماء ام ان هناك مفهوما آخر للانتماء ،اي ان الانتماء هو ان تكون كالشجرة تأخذ من الارض التي نبتت فيها وتغذيت منها حين كنت بذرة فانتشت ثم نبتة فكبرت …ثم كبرت حتى ماتت فتعود بذلك الى الارض التي تنتمي اليها …هل هذا ما يجعلنا مرتبطين حينا بالبلد والعائلة ومرة اخرى بالأمة الاسلامية وبالوطن العربي واحيانا بالقرية او بالعالم كله ..فنحن ننتمي لمن يغذينا ويعطينا ..ومتى كان العطاء شحيحا شح انتماؤنا… وكلما كان العطاء طيبا زاد ازدهارنا وازهرت واثمرت حياتنا.. فزاد تعلقنا بهذه الارض الطيبة.
بتناولنا موضوع الانتماء وعلى صعيد المقارنة بين الانتماء عند المواطن العربي في اسرائيل عامة والمواطن في بلدنا الطيبة خاصة، هذا يذكرني بالطبيب الماهر الذى وصف حالة المريض وصفا دقيقا صحيحا ولكنه نسي ان يكتب العلاج الشافي من المرض.
ان الانسان العربي وخاصة الطيباوي فقد روح الانتماء لتراب البلد وهذا يعود الى اسباب عديدة تراكمت على مدار سنين طويلة. لتجديد روح الانتماء اننا في حاجة الى اعادة بناء الانسان الطيباوي. ولكن كيف ؟
هذا السؤال يوجه الى من يعتزمون قياده هذا البلد ؟ وما هي نظرتكم المستقبلية في وضع الخطة التي بها يتم اعادة بناء الانسان الذى انهار تماما بفعل السياسات الخاطئة التي عاشها وعانى منها طويلا في السنوات الاخيرة. ان الانسان هو اهم عناصر البناء ونرى هذا بشكل واضح من خلال اهتمام الدول المتقدمة بتطوير وتنمية الموارد البشرية. ان الاسرة والحضانة والمدرسة والجامعة والمجتمع وكل وسائل الاعلام المسموعة والمقروءة والمرئية وايضا كل دور العبادة على مختلف الديانات يجب ان تتكاتف من اجل تنفيذ خطة شاملة من اجل اعادة بناء الانسان الذي يشكل اساس التنمية الاقتصادية في كل بلد.
ولنا ان نعلم جيدا أن بناء المؤسسات والمصانع وتعبيد الطرقات هو من السهل اليسير ولكن بناء الانسان هو امر صعب ولكن ليس عسير.