يقع مقام “الشيخ مسعود” في “الجلمة” وهو احد الاحياء القديمة لمدينة الطيبة وكان حي الجلمة في الماضي يعتبر بعيدا عن باقي اجزاء البلدة، غير ان العمران وثق اللحمة بين ابناء البلد الواحد.
ويقول طاهر مصاروة (ابو فراس) احد سكان منطقة الجلمة ان مقام الشيخ مسعود يعود الى ما قبل 400 او 500 سنة وان الشيخ مسعود كان احد قادة جيوش صلاح الدين الايوبي حين قدم الى البلاد وتوفي اثناء مكوثه في هذه المنطقة ودفن هنا في هذا المكان وبدأ الناس يتباركون بالمكان باعتباره يعود لأحد اولياء الله الصالحين.
غير ان هذه المعلومة فيها بعض التناقض، فإما ان كان الشيخ مسعود بالفعل من قادة صلاح الدين الايوبي وهذا يعني انه يعود الى ما قبل قرابة 800 سنة وليس 400، وإما انه من الشيوخ المعروفين في ذاك الوقت قبل 400 سنة وكان الناس يعتبرونه من الاولياء الصالحين.
يذكر ان في مدينة الطيبة اربعة مقامات كهذه وهي اضافة الى “مقام الشيخ مسعود”، مقام “الشيخ مشرف” اعلى المنطقة الصناعية ومقام “الشيخ الدسوقي” في فرديسيا ومقام “الشيخ التفال” قرب مقبرة آل منصور في الحارة الفوقا.
ويقول اهالي الحي المحيط بالمقام ان المواطنين من الطيبة ومن خارجها اعتادوا في الماضي على ارتياد المقام واقامة الحلقات الدينية في العديد من المناسبات، وانهم كانوا يأتون الى هذا المكان ليتعبدوا وليتباركوا، فكان كل من انذر نذرا يأتي الى هنا وكانت كل سيدة تطلب الانجاب تأتي الى هنا، وكان كل من يقيم لنجله مراسم الطهور يأتي الى هنا وغيرها الكثير من المناسبات، فيوزعون الطعام ويدقون الطبول والصاجات وتقام حلقات الدراويش لساعات طوال فيتجمهر الكثير من الحضور.
ويضيف الاهالي ان الناس كانوا يأتون هنا ويقيمون ولائم ضخمة يرافقهم المدعوون إذا كانت المناسبة سعيدة كالطهور او الانجاب وغيرها. حتى ان الامر بلغ ببعض المواطنين التعامل مع قبر الشيخ مسعود وكأنه على قدر كبير من القداسة، وهذا ما لم يرق لرجال الدين لاحقا، لأن قبر الشيخ ليس سوى قبر لشيخ وإن كان من اولياء الصالحين فهو لا يجوز ان يكون بهذه القداسة التي تدفع الاهالي الى التعامل معه اكثر مما يجب.
ويضيف الاهالي الذين يسكنون في محيط مقام الشيخ مسعود، ان المقام كان يشهد كل اسبوع حلقات دينية في مناسبات مختلفة يقيمها الناس وكان يكتظ بالرواد من الطيبة ومن خارجها، الى ان تقرر بعد ذلك ازالة القبر من مكانه خشية تحويل المكان الى مقصد للتعبد وتم تطوير المكان ليتحول الى مسجد اطلق عليه مسجد “عثمان بن عفان” حتى يضفي على المقام صبغة تليق به للتعبد واداء الصلوات.
الكل يعلم ان من كان يعتني بهذا المقام على مدار سنين طويلة هي الحاجة سميحة مصاروة (البسة) التي توفاها الله عام 1999، ومنذ ذلك الحين انتقلت العناية بالمقام الى اولادها وزوجاتهم الى ان تقرر منذ عشر سنوات توسيع المقام وتشييد مسجد بجواره يلتحم به ليصبح المقام جزءا من المسجد.
ومن المثير ان شجرة “الدوم” التي يعرفها اهالي الطيبة والمنطقة والتي كانت تنتصب بجوار المقام، في الماضي لا تزال قائمة بل وأصبح جذعها داخل المسجد ويخترق ساقها سقف المسجد لتطل من على السطح في الخارج، وهي شجرة يقول الخبراء ان عمرها يفوق 400 عام، فحافظ عليها من شيدوا المسجد وأبقوها مكانها.
نترككم مع هذا الفيلم الوثائقي عن مقام الشيخ مسعود والجلمة بصورة عامة:
الجلمة منطقة منسية من السلطة المحلية
منطقة الجلمة كانت في الماضي تعتبر ضاحية نائية عن الطيبة جغرافيا رغم ان اهاليها مسجلون ضمن سكان مدينة الطيبة منذ سنين طويلة، غير ان المنطقة تعاني من نقص في العديد من الخدمات سواء شبكة الصرف الصحي أو شبكة الماء أو شبكة الكهرباء والنظافة بصورة عامة، وهي امور يطالب السكان هنا بالالتفات اليها ومعالجتها في اقرب فرصة.