نلاحظ في الآونة الاخيرة ظاهرة لم تكن قائمة في السابق في الاشهر التي تسبق موعد الانتخابات، وقد يعود السبب اليوم الى الحراك الذي تغذيه شبكات التواصل الاجتماعي على اختلافها وتبلور ازاءه موقفا واضحا، والمقصود هنا هو رفض الانتخابات والقبول بالواقع القائم على علاته.
اصبح من الطبيعي في ايامنا ان يقف احدنا ويعلن بلا حرج انه مع بقاء اللجنة المعينة بدل خوض انتخابات بلدية بكل ما يعتريها من مشاحنات عائلية وتوتر يسود البلد حتى يخيل لك انك مقدم على حرب اهلية باسم التسابق على الغنائم.
من الذي ينادي ببقاء اللجنة المعينة؟ هل هو الواقعي الذي يحكم على الامور ببراغماتية ؟ ام هو ابن العائلة الصغيرة الذي لا امل له بأن يرى ابن عائلته رئيسا ليحظى هو ببعض مما يستمتع به المنتفعون الآخرون ؟ ام هو طيباوي سئم التناحر المرافق للسباق العائلي على كرسي يشرع السرقة للجالس فيه ولمن حوله ؟
كيف يمكننا رسم صورة واضحة لشخصية من ينادون ببقاء اللجنة المعينة ؟ وهم كثيرون ولا يحق لنا الاستهانة بهم ! انهم ليسوا ممن يبحثون عن منفعة شخصية، وهم برأيي ليسوا ممن يفضلون الغريب على ابن البلد، وهم ليسوا بهذا الافق الضيق الذي يبدو للوهلة الاولى، واعتقد ان لديهم انتماء لبلدنا لا يقل عن الباقين ولكنهم يحبون الطيبة واهلها على طريقتهم.
اعتدنا الحديث مؤخرا حول بناء مدارس وتعبيد شوارع وترميم انارة شوارع ودفع رواتب موظفين وغيرها الكثير من الامور العادية التي تنفذ وباستمرار في كل بلد وهي امور لا يجب ان تدهش احدا لأنها طبيعية وعادية للغاية، ولكن مواطنا عاش سنوات تلو سنوات من الحرمان من مثل هذه الخدمات، يرى اصلاح عامود كهرباء مأثرة يجب التغني بها والسير في شارع بلا حفر، نعمة من الاقدار. وقبول طفله في بستان قريب من بيته، يحتاج زغرودة فرح. ومرور شاحنة القمامة بانتظام في شارع منزله، يستحق اقامة تمثال لعامل النظافة امام بيوت الحي امتنانا له !!!
هذه خدمات فقيرة مقارنة بما يحق لكل مواطن “ابيض”، ولكن المحروم يرى فيها نعمة من الله وقد حلت عليه بفضل اللجنة المعينة، ولهذا فهو لا يريد التفكير بالعودة الى ما قبل هذا العهد. لا يريد ان يعود الى استجداء الموظف الجاهل ليقبل تسجيل طفله في بستان الحي، ولا يريد التردد على قسم الصيانة عشر مرات كي يستجيبوا لطلبه بإصلاح الانارة في شارعه، او أي خدمة ابسط من ذلك.
انه مواطن صاحب تجربة مريرة تكدست في ذهنه إبان عهد رؤسائنا المحليين الذين مروا من هنا وهنا داسوا على كرامة المواطن قبل ان يدوسوا على اخلاقيات الادارة. يحق لهذا المواطن ان يرفض انتخابات البلدية ويحق له ان يطالب ببقاء اللجنة المعينة لأن بقاءها يضمن له الحد الادنى من الخدمات، ولتذهب باقي الامور الى الجحيم. فهو غير متضرر مثلا من الخارطة الهيكلية ولهذا لا يهمه امر المتضررين، وهو لا يملك اراضي زراعية ولهذا لا يعنيه أي الاراضي ستصادر ولمصلحة من ومتى. حتى ان المزبلة لا تعنيه طالما ليست مشكلته لوحده.
ومن يدري فقد نكون على خطأ في تقديرنا، وان هذا الرافض للانتخابات يعي جيدا ما يسعى اليه كل مرشح وحاشيته، وانهم ليسوا سوى كاذبين محترفين يمتطون سذاجة القبلية في كل منا ليحققوا مطامعهم.
لطالما تساءلت بصمت، كيف لمرشح ان يزاحم بكل ما لديه من وقاحة من اجل الوصول الى كرسي الرئاسة مدعيا انه يسعى لخدمة اهل بلده، في حين اشرت لأحدهم منذ عدة ايام ولم يتوقف حين تعطلت سيارتي على الطريق عند مشارف الطيبة. نظر الي بتفحص ولم يكلف خاطره بالتوقف، أي انه عديم النخوة فكيف يخدم بلدا ! عن أي خدمة يتحدث ؟ وهل نبدوا له بهذه البلاهة حتى يستغفلنا ويسمعنا هذه الاكاذيب ؟
إذن هو التناقض في شخصية المرشح او كذبه بأسلوب فج قديم لم يعد ينطلي على احد، حتى انك تشعر بالإهانة لمجرد التعرض لمحاولة احدهم الاستخفاف بعقلك على الطريقة القديمة !
نعم من الصعب علينا تسويق فكرة الانتماء لهذا البلد في الوقت الذي نرى الخدمات في حدها الادنى تأتينا من غرباء عن هذا البلد، وحين يجلس على الكرسي الاول في البلد ابن البلد يصيح مساكين هذا البلد: “كفك عالضيعة”.
مع تحيات: اختكم ام سامي