ان من أبغض وافتك الأمراض الاجتماعية التي ابتلي بها مجتمعنا الطيباوي هو مرض اللامبالاة، التي تعني الفوضى وعدم الاهتمام، وتعني الكسل الخمول، وتعني الأنانية والاثرة، وتعني هدر الحقوق وتضييع الواجبات،وتعنى السلبية والهروب من المسؤولية، وباختصار تعني “اللاالتزام”.
أنها اللامبالاة الجماعية التي جعلتنا لا نكترث بما يجري خارج بيوتنا كالحارة او البلدة او المجتمع العربي. أنها اللامبالاة التي جعلتنا غير مبالين بالنظافة العامة للبلد. أنها اللامبالاة التي جعلتنا لا نبالي بالأخطار المحدقة بنا نتيجة للروائح الكريهة المنبعثة من المزبلة الغربية.
أنها اللامبالاة التي جعلتنا عاجزين عن التصدي للعنف والجريمة التي قطعت عائلاتنا ودمرت بلدنا. إنها اللامبالاة التي جعلتنا لا نثور في وجه خارطة هيكلية تحاصر البلد وتصادر بعضا من أرضه ، وتحد من تطوره المستقبلي.
إنها اللامبالاة التي جعلتنا غير مكترثين لاستمرار إدارة شؤون بلدنا وبلديتنا على يدي لجنة معينة ، تجهض ما تبقى لنا من مقدرات وكرامة. إنها اللامبالاة التي جعلتنا غير آبهين بمستوى التعليم غير المرضي في بلدنا في كل مراحله. إنها اللامبالاة التي جعلتنا لا نكترث الفوضى العارمة في حركة السير وقيادة السيارات. إنها اللامبالاة التي افقدنا الشعور بالتآخي والتناصر والتواصل والتعاون والتوادد والتحابب فيما بيننا.
اللامبالاة التي حولتنا الى أشخاص سلبيين معتكفين على أنفسنا بين جدران أربعة لا نرى النور وان رأيناه فبمنظار أسود .
اللامبالاة التي غيبت فينا الشعور بالانتماء وفككت روابطنا الاجتماعية لتطغى الفردية على الجماعية والمصلحة الخاصة على المصالح العامة.
وأخيرا وليس آخرا أنها اللامبالاة التي أصابتنا باليأس والإحباط من القدرة على التغيير والتحسين وأفقدتنا الأمل في عملية الإصلاح فضلا عن النهوض.
وفي ظل حالة اللامبالاة والسلبية هذه أصبح أمننا الاجتماعي مهددا وفشى فينا العنف والفساد والانحراف بكل صوره وأشكاله، فقدنا الكثير من حقوقنا وخسرنا بعض أملاكنا ،اختلست مواردنا الجماعية وعلى رأسها الأرض من الداخل والخارج، وصار الحق العام نهبا، وبرز فينا قادة غير مؤهلين ولا جديرين بقيادة المجتمع لا من الناحية المهنية ولا الجماهيرية ولا حتى الأخلاقية، وأتحنا الفرصة للاعبين منتفعين وانتهازيين ان يلعبوا ويمرحوا على الحلبة الجماهيرية دون رادع.
وبعد ذلك كله مازال بعضنا يعتقدُ بأن هناك قوى خفية أو معجزة إلهية ستأتي لتنقذنا من بحر . اللامبالاة التي نسبح بها، ولكنهم مخطئون لأننا نحن المسؤولون المباشرون عن هذا الوضع ولن يأتي الحل إلا بمبادرة منا.
ولكي نقضي على اللامبالاة الجماعية في مجتمعاتنا علينا ان نعمل أولا على استعادة النسيج الاجتماعي الذي كان يسود مجتمعنا حتى الربع الأخير من القرن السابق، وان نسعى الى تعميق الانتماء لبلدنا وتوطيد العلاقات بين الناس. كما علينا العمل على أحياء الوازع الداخلي داخل كل إنسان فينا – كبيرا او صغيرا ذكرا أو أنثى – بالغيرة على دينه وحب البلد وحمل همه والعمل على حل مشاكله. وعلينا التعاون على إنجاح أي عمل جماعي -إن كان ذلك اشتراك في مظاهرة احتجاجية أو تبرّع لمؤسسة خيريه أو الانتساب إلى لجنه شعبية او العمل من خلال جمعية رسمية او حزب سياسي او تشجيع فرقة رياضية او حتى الاشتراك في ندوة او حضور مسرحيه. عندها سنرى أن مردود اشتراكنا في العمل الاجتماعي لن يتأخر بالوصول .
وفي الختام تعوذوا معي يا كل أهل بلدتي من العجز والكسل كما علمنا نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم، بدعائه: “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال”.