تشتت في مواجهة مخططات الهدم والترحيل وسياسة الاستنزاف – “عقدُ لقاء مع أعضاء الكنيست العرب لشرح القضية وتجنيد دعمهم مع أعضاء كنيست آخرين”. من قرارات اللجنة القطرية في اجتماعها في كفر قاسم بتاريخ 22\5 لبحث أوامر الهدم الصادرة بحق البيوت في المدينة. “تدعو لجنة المتابعة كافة المؤسسات الحقوقية والجماهيرية ( السلطات المحلية العربية مثلا! ن.و) إلى أخذ دورها الكامل في التصدي لمخطط برافار الكارثي الذي ينذر بنكبة ثانية في النقب”. البند الخامس من قرارات المجلس المركزي للجنة المتابعة العليا المنعقد في رهط بتاريخ 23.5 2013.
لا أفهم لماذا هناك حاجة مثلا لأن تقرر اللجنة القطرية عقد اجتماع مع أعضاء الكنيست العرب لشرح القضية (قرارات هدم البيوت) لهم وتجنيدهم، إلا إذا كان المفهوم غير المباشر لهذا القرار هو أن أعضاء الكنيست العرب، باعتقاد اللجنة القطرية يعيشون على المريخ وبحاجة لمن يشرح لهم قضية يعالجونها منذ عشرات السنين، أو ربما لاعتقاد القطرية أنهم مثلا بحاجة لتجنيد لصالح القضية؟
في المقابل وردا على دعوة القطرية وقرارها هذا نقرأ أن المجلس المركزي للمتابعة ، الذي انعقد غداة اجتماع القطرية ، يدعو كافة المؤسسات الحقوقية والجماهيرية …فهل يقصد المجلس المركزي أيضا السلطات المحلية واللجنة القطرية، أليست اللجنة القطرية ممثلة في المتابعة ومجلسها المركزي ، وبالتالي لا حاجة لا لقرار القطرية بعقد جلسة مع أعضاء الكنيست العرب و… ولا لقرار المجلس المركزي بدعوة المؤسسات الجماهيرية إذا اعتبرنا اللجنة القطرية إطارا جماهيريا، فالمفروض أن الإطارين يكملان بعضهما بل إن المتابعة تحوي بداخلها القطرية… من يشرح لنا هذين البندين وهذين القرارين.
لكن بيت القصيد من إيراد هذين البندين هو التدليل على تشتت الجهود لمختلف القوى والأطر في مختلف المجالات خاصة أهم القضايا الحارقة وهي الأرض والمسكن، فالمتابعة (ممثلو الأحزاب، وليس دائما بحضور النواب) يجتمعون على انفراد، والقطرية تجتمع على انفراد ولو بفارق يوم واحد؟ ألم يكن من الأفضل لمن قرر (المتابعة والقطرية، كل منهما على انفراد وكلتاهما معا) اتخاذ واعتماد خطة ممنهجة لمواجهة مخطط برافار أن يبدءا بتنسيق خطواتهما وجلساتهما؟
إضافة إلى ذلك، وهذا هو الأهم هنا لماذا نبقي على هذه التجزئة لقضايا الأرض والمسكن ونسير وفق الأجندة والجدول الذي تحدده المؤسسة في إشعال نيران وحرائق موضعية لو نظرنا إليها من عل لوجدنا أنها كلها تصب في خانة واحدة، هي مصادرة الأرض وهدم البيوت وتقييد الوجود العربي؟
لماذا لا نربط مخطط برافار مع سياسة الهدم في كفر قاسم ومواضع مختلفة في الجليل والمثلث مع مشروع تمديد أنابيب الغاز على أراضي عربية تمتد من كفر قاسم وتنتهي بأراضي دالية الكرمل وعسفيا… ألا تشكل هذه المشاريع كلها حلقات لنفس المسلسل؟
لماذا نتساوق مع سياسة الاستنزاف التي تتبعها الحكومة والمؤسسة في هذا السياق، وهي سياسة مرتبطة بتجزئة حلقات المخطط الأساسي والرئيسي (مزيد من الأرض العربية)؟
هل أصلا وحدت أطراف المتابعة والقطرية جهودها مع جهود الجمعيات الأهلية المختلفة، أم أن بعض الأحزاب تواصل العمل مع المركز العربي للتخطيط البديل فيما تصر الأخرى على العمل مع جمعية بمكوم؟ ولماذا نجد عدالة تنشط في قضايا النقب، وهذا مهم وأساسي، ولا تنشط في قضية أنبوب الغاز؟
والأهم هل قيمت كل من المتابعة والقطرية وحددت أسباب عدم التجاوب الجماهيري مع الدعوة لتظاهرة 27/5 أمام الكنيست، هل قدم رؤساء اللجنة القطرية الدعم والتجنيد المطلوب واللازم لنقل المواطنين من أبناء بلداتهم لموقع التظاهرة، أم ظل ذلك محصورا على مجالس النقب.. فلم أسمع مثلا أن حافلة واحدة خرجت من المثلث على حساب مجلس محلي، أيا كان لإنجاح دعوة اللجنة القطرية. هل حقا يمكن توقع مظاهرة جماهيرية بمشاركة الآلاف لمجرد تعميم بيان بشأنها قبل ثلاثة ايام من موعدها على مواقع الانترنت.
خلاصة القول إن الحكومة الإسرائيلية تتبع معنا خطا استراتيجيا يقضي بتجزئة ملف الأرض والمسكن إلى ملفات موزعة جغرافيا وزمنيا حتى يتسنى لها تشتيت المواجهة وتوزيعها جغرافيا بشكل يقسم اهتمام المواطن، فينشغل ابن كفر قرع بخط الغاز، وينشغل ابن كفر قاسم بالهدم، ويبقى ابن النقب محروقا من مخطط برافار، فيأتي الرد على نفس الوتيرة، جزئيا ومناطقيا، مشتتا وضعيفا يفتقر للزخم الجماهيري المطلوب، ولا يزيد عن منطق “إسقاط الواجب” تماما كالنشاط الذي تبديه الموحدة والقطرية والجمعيات والمؤسسات، أو على الأقل هذا هو الانطباع الذي يخلفه هذا النوع والحجم من الأداء وعندها يكون زميلنا وصديقنا حسن عبد الحليم ، محرر فصل المقال قد أصاب كبد الحقيقة قبل ثلاثة أسابيع عندما تنبأ بأننا سنبدأ قريبا إحياء ذكرى تنفيذ مخطط برافار.