صيحات تتعالى وحناجر تصدح واحاديث جانبية وعلنية كلنا نحب البلد ومن اجل البلد وبالروح بالدم نفديكي يابلد، ولكن هل البلد بحاجة لشعاراتنا وخطابتنا وأقلامنا فقط، ام بحاجة الى القول والعمل؟
حق قوة حرية، الوضع بدو تجمع يعني وحدة، ان نعيش بكرامة، باقون ما دام الزعتر والزيتون، الطيبة معا، الطيبة للجميع، بلدي هي عائلتي، لا للتعصب العائلي والحزبي، طيبتنا غالية، الطيبة اولا، الطيبة في قلبي، من اجل الطيبة، وكثيرة هي المقولات التي سمعناها وسنسمعها.
لكن على ارض الواقع نادرا ما نلبي النداء، ونرى ان كل مقولة لا يسير خلفها إلا من يرددوها، وهذا وللأسف ما ابقى الطيبة نائمة ومصابة بمرض الاحباط واليأس والضعف، فطمع فيها الغرباء والدخلاء، وأصبحت مرتعا لذوي الانفس المريضة والفاسدة وحقلا للتجارب وتوظيف من لا يستحق فيها وتنصيب رجال الصفقات عليها، ان البلد تعني البقاء والحياة وبحاجة الى الانتماء قولا وعملا، وتوحيد الصفوف ورصها لتنهض كما يحب اهلها الطيبون.
كان في العهد الجاهلي اسم المدينة يثرب وبمجيء محمد صلى الله عليه وسلم، اصبحت المدينة المنورّة وبعيشه وانطلاقه منها اصبحت طِيبة يعني عطرا، ولم تكن كذلك لولا توحيده الصفوف بين الاوس والخزرج وموآخاته بين المهاجرين والأنصار، فحملوا الهمّ سوية وانطلقوا يدا واحدة متصدّين للاحزاب ونجحوا بإذن الله عز وجل في اقامة بلدهم وتمكنوا من صدّ الاعداء عنها ونبذوا التعصب القبلي فيما بينهم من خلال دعوة النبي (ص) بقوله “,اتركوها فانها نتنة ، يعني عفنة ومكروهه ومفسدة. وبهذا تمكنوا من الانطلاق والتغيير، ونحن في طيبتنا هذا ما نريده، محبة واخوّة ونبذ التعصب وتوحيد الجهود والعمل سوية ويدا واحدة دون الالتفات الى من صاحب المقولة وحاملها، فما يهمنا هو الهدف لا تسجيل المواقف وكسب الودّ والاستقطاب.
عندما ينادي احدنا يا طيبتنا علينا ان نلبي النداء فطيبتنا تستحق واكبر منا وهي الحضن الدافئ لنا ومن لا موطن له فسيبقى كالطيور المهاجرة يتنقل بين الاعشاش، لا تتردد في تلبيه النداء اذا دعيت للطيبة مهما كان فكرك الذي تحمل، ولا ترى بنفسك اعلى من بلدك، وممن يدعوك لإنقاذ بلدك، لا تظن ان مستواك اكبر من ان تشارك في مسيرة عنوانها الطيبة او في تظاهرة او امسية او وقفة فإذا رأيت في نفسك اكبر فاذهب وعش في بلد تراه من مستواك.
واترك المكان لمن هو يرى ان امه الطيبة وتستحق منه الغالي والنفيس، لا نريد بيانات ولافتات وشعارات خلف المكاتب ولا نريد قولا بلا عمل، ولا نريد حصر اللقاءات في شريحة معينة ولا تنظيّر هنا وهناك لمكاسب شخصية وفئوية، فالمرحلة اشدّ خطورة ولا تزال تشتدّ خطورتها ونحن متمسكون بطبقيتنا وعصبيتنا ونرجسيتنا، الطيبة هي الام لنا والاب، فلا تبخلوا عليها بالحماية والانتماء والدفاع والوحدة، لنكن كالجسد الواحد متحابين متراحمين متعاطفين، لنجعل من طيبتنا طِيبة ونسعى لإنقاذها وتعميرها والمحافظة عليها ورعايتها، الطيبة هي بلدي الطيبة هي عائلتي، الطيبة، للجميع، الطيبة اولا، الطيبة طيبة بترابها واهلها.