«من غزة ابتدأ المشوار»، على الأقل بالنسبة للمشترك الفلسطيني في “أراب آيدول” محمد عساف، الذي تابع الموسم الأول من البرنامج وقرر الاشتراك في موسمه الثاني، فسافر من غزة إلى القاهرة، ليلتحق بـ”تجارب الأداء”، رحلة استمرت يومين تخلّلها كثير من الصعاب، وساعات من الانتظار على المعبر للحصول على إذن العبور إلى مصر.
وهذا ما قاله المشترك الفلسطيني في “أراب آيدول” عندما سألناه، في كواليس البرنامج، عن تجربته، وذلك قُبيل حلقة يوم الجمعة الماضي بساعات قليلة: “قررت الاشتراك في الموسم الثاني من برنامج (أراب آيدول) بعد النجاح الكبير الذي لاقاه الموسم الأول، وشجعني أهلي وأصدقائي على ذلك، خاصة أنني كنت معروفا في فلسطين من خلال الأغاني الوطنية التي قدمتها، وطبعا كان يجب أن ألتحق بـ(تجارب الأداء) خارج فلسطين”.
وتابع عساف: “ذهبت إلى القاهرة في رحلة مليئة بالصعاب، استمرت يومين كاملين. وصلت بعدها في اليوم المخصّص للتجارب، ولكنني وصلت متأخرا، لأجد ساحة الفندق في (6 أكتوبر) تعج بآلاف الأشخاص، وأبواب الدخول مغلقة! ولكنني لم أقطع كل هذا المشوار لأستسلم أمام الأبواب مغلقة، خاصة أنني كنت قد سئمت المعوقات على المعبر، خلال ساعات طويلة من الانتظار، فقفزت فوق سور جانبي للفندق ودخلت بين الجموع لأكتشف أن فرص اشتراكي في البرنامج تتضاءل، فقد وزع فريق العمل أرقام المشاركين عند الثامنة والنصف صباحا.. وكل من أتى بعد ذلك لم يتمكّن من الاشتراك”.
وتابع عساف قصته الممتعة: “بدأت أفقد الأمل في إمكان الاشتراك، وقد أعياني تعب السفر وعدم النوم لمدة يومين، عندما تعرف عليّ شاب فلسطيني يقيم بالسعودية ويدرس في القاهرة، كان قد شاهد بعض الأغنيات الوطنية التي قدمتها على أحد المواقع الإلكترونية، فقال لي إنني أحمل موهبة متميزة وفرصتي في الفوز أكبر من فرصته، لذلك قام بإعطائي رقمه ومكانه في تجارب الأداء بكل تواضع ورغبة في المؤازرة، هذا الشاب الذي أُرسل إليه تحية حب على موقفه هو أحد أسباب وجودي هنا اليوم، وما زلت على تواصل دائم معه، وهو يساندني ويفتخر بقراره الجريء”.
محمد عساف (22 عاما) تمكّن من خطف قلوب لجنة التحكيم والمشاهدين، منذ الإطلالة الأولى، هو الذي تألق في “تجارب المسرح”، وصولا إلى المرحلة النصف نهائية، أو ما يعرف بـ”حلقة نتائج التصويت”، حيث غنى فلسطين في أغنية “يا طير الطاير”، والكوفية الفلسطينية تغطي كتفيه، فتأهل للمرحلة النهائية بتصويت الجمهور.
“أعتز بالانتماء إلى فلسطين، وإلى شعبها العريق والمناضل من أجل الحرية من الاحتلال” قال عساف، وأضاف: “أنا فخور أنني غنيت لبلدي فلسطين من على مسرح (أراب آيدول)، وعبر شاشة (MBC)، وأعتقد أن الجميع ممن كانوا داخل المسرح أو يتابعون البرنامج على التلفزيون أو الراديو كانوا مسرورين باختياري. ولقد لمست ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فكانت الأغلبية العظمى من التعليقات تتناول فلسطين والأغنية بإيجابية وروح وطنية عالية”.
عن تجربته في برنامج “أراب آيدول”، أضاف محمد عساف أن الوجود في مثل هذه الأجواء التي يقدمها البرنامج والقائمون عليه وحده كفيل بصناعة فنان، فالمشاهد في بيته لن يعرف التعب والعرق وسهر الليالي الذي يبذل في سبيل هذا البرنامج من قبل فريق عمل محترف يصنع شخصية الفنان في كل منا.
نأتي إليهم مواهب (خام) لنخرج من المسابقة فنانين ونجوم. واعتبر عساف أن مجرد اشتراكه في برنامج “أراب آيدول” على شاشة كل العرب “MBC” ووقوفه أمام لجنة تحكيم تضم نخبة من كبار نجوم الفن في العالم العربي، هو بالنسبة له حلم يصعب تصديقه. وأضاف: “هذه التجربة تعتبر نقلة نوعية بالنسبة لي شخصيا. أما الفن برأيي فهو رسالة إنسانية، ولغة حوار بين كل الشعوب. رسالتي في الفن رسالة محبة، وأتمنى أن أكون قد أحسنت استخدام هذه الفرصة التي منحني إياها برنامج (أراب آيدول) لإيصال رسالة حب من فلسطين لكل شخص في العالم العربي والعالم بأسره”.
ويتابع عساف: “أتمنى أن أكون قد زرعت في نفوس الناس بزرة حبّ لمحمد عساف، فليس المال هدفي في الحياة، بل محبة الناس وتقديرهم، ولست أحاول التصوف هنا، بل أعبر بلسان حال شاب من فلسطين وجد أخيرا طريقه لتحقيق حلم يشاركه به عشرات الآلاف من الشباب الفلسطيني”.
وعن تحضيراته الخاصة قبيل “البرايم” وخلال الأسبوع، اعتبر عساف أن كل مشترك موجود في «أراب آيدول» اليوم يستحق أن يحمل اللقب، وتابع قائلا: «كل من تم اختياره ضمن الـ27 مشتركا يستحق لقب (أراب آيدول)، فالأصوات كلها رائعة ولكل صوت ما يميزه.
وهذا ما يولد روح المنافسة ويدفعني للعمل أكثر على نفسي والتطوير من مقدرتي وأدائي لأتمكن من المنافسة في هذه المسابقة التي تضم نخبة من الأصوات الواعدة في العالم العربي». وحول طبيعة الألوان الطربية التي يقدمها، قال عساف: “قدمت اللون الفلسطيني البلدي، واللون اللبناني، واليوم غنيت لـ(العندليب).. وسواء حصلت على لقب (أراب آيدول) أو لا، فأنا فخور بما حققته. ككل مشترك طموحي وهدفي هو اللقب، أما لو خرجت من المسابقة قبل بلوغ الهدف، فسأستمر قدما وسأتابع ما بدأته في البرنامج لأنه لم يعد ذلك هو حلمي أنا وحدي فقط، بل حلم كل من آمن بي وساندني من أهلي وأصدقائي، وكذلك الشاب الذي منحني فرصة اشتراكه بالبرنامج، وصولا لكل من صوّت لي أو صفق لي وهتف باسمي”.
من الواضح أن محمد عساف بات ورقة صعبة في المنافسة، ويبدو ذلك جليا من خلال نسب المشاهدة الهائلة التي حققتها مقاطع الفيديو الخاصة به على شبكة الإنترنت، وكذلك من خلال تصويت الناس له، من كل أقطار العالم العربي. يعلّق محمد عساف على ذلك معتبرا أن عائلته وأصدقاءه في غزة قدموا له دعما كبيرا، بصلواتهم ودعمهم المعنوي قبل الدعم العملي، وشكر كل من شارك في حملات التصويت له، وأضاف: “أرجو أن أكون بالمستوى الذي يتوقعه كل شخص صوّت لي داخل فلسطين وخارجها في العالم العربي”.
وكانت بعض وسائل الإعلام من غزة قد تحدثت عن دعم كبير يقدمه الشارع الفلسطيني لعساف عبر الدعوة للتصويت له في البرنامج. وقام التلفزيون الفلسطيني ببث دعايات خاصة تحمل الرسالة نفسها، وأطلق بنك فلسطين حملة دعم تحمل اسم “صوتك بصير صوتين”، حيث تصبح تكلفة التصويت لمحمد عساف تعادل نصف القيمة الأساسية، وذلك تحفيزا للمزيد من التصويت.