حين سكت اهل الحق عن الباطل، توهم اهل الباطل انهم على حق. ان التعصب بكل اشكاله سببه اتباع الهوى وتغليب الهوى على الحق والعدل والمنطق والحكمة.
ان اتخاذ القرارات استنادا الى التعصب سيؤدي بنا حتماً الى السقوط في أسفل الهاوية بسبب اتباع هوى التعصب، وهذا ما يحدث في كثير من الامور المحيطه بنا في الطيبة.
فعلينا جميعاً الرفق في الأفكار والمواقف التي نتخذها، وفي كل ما يجدّ بنا من الحوادث والملمات وعدم العجلة في اطلاق التصريحات المتشنجة فإنها ليست من منهج الإِسلام وخاصة في زمن الفتن. فالإِسلام منهجه الوسطية, ولا غلو في الدين ولا تعصب. وفي الأونة الأخيرة نلاحظ ان هناك ظاهرة تبديد الطاقات وتشتيت الاعمال في المناكفات بين معارض ومؤيد اخذة بالانتشار وهو ما يجعلنا عرضة للاستقطاب وحالة من التخبط واللاواعي في تأييدها ومعارضتها.
ومن المؤكد ان نمو الاتجاهات التعصبية تفقد المجتمع وحدته واستقراره، حيث من الطبيعي أن يصبح لكل اتجاه تعصبي ضد فئة من المجتمع صدى ورد فعل عند الفئة المستهدفة، يشكل حالة مضادة للدفاع عن الذات وحماية المصالح، فيتحول المجتمع إلى ساحة صراع، وميدان احتراب، بين فئاته المتمايزة. وكلما اتسعت رقعة الاتجاهات التعصبية، خسر المجتمع المزيد من أبنائه، الذين يتحولون إلى عناصر سلبية وهدّامة، بدل أن يبنوا حياتهم ويخدموا مجتمعهم. وبذلك تنهار وحدة المجتمع، ويتقوض أمنه واستقراره .
واضم هنا صوتي الى اصوات الكثيرين من اهالي الطيبة المخلصين في نداء نوجهه الى جميع عقلائنا، مفكرينا، قادتنا، مشايخنا واخواننا، ان دعوا هذه الخلافات جانباً، وادعوا الى كلمة سواء تجمعنا ولا تفرقنا. لماذا تحرموننا من ان نتفق، بينما هناك الكثير مما يجمعنا والقليل مما يفرقنا تعالوا نكون وحده واحدة لنحقق هذا الحلم الذي نتمناه ونحبه بان نبتعد عن تخوين بعضنا البعض وتكفير احدانا الاخر. ما هو الهدف من اثارة هذه النعرات ويخدم من هذا التفرّق وهذه المناكفات، والإمعان في تشويه صورة المستهدف أمام الأخرين ، ووصفه وتعريفه بطريقة غير موضوعية، ثم التعبئة والتحريض ضده، بإثارة مشاعر الكراهية والعداء، والذي قد يصل إلى تجريده من كل قيمة وحق ووصفه بما هو ليس عليه كل هذا يساعد في تأجيج الصراعات في المجتمع الواحد.
الا تحبون ان يعلو صوتنا وتحقق مطالبنا, بعيدا عن التخوين والتشويه والازدراء وتصنيف الاخرين بما ليسوا عليه “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون”.
واعود واذكر بانه لا بد من تضافر الجهود الواعية، واستنفار القوى المخلصة، لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، التي تهدد مستقبل المبنى الاجتماعي، بما تسببه من انقسام وتمزق داخلي، ومن تقويض للحمه الاجتماعيه، وتهميش للاخرين، وتأجيج الصراعات في المجتمع الواحد. إن مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة هو واجب على كل الشرفاء والمخلصين في هذا المجتمع. فيجب معالجة جذور الاتجاهات التعصبية، والحد من قدرتها على التأثير والانتشار .ما لنا بنقل وتاجيج صراعات نحن في غنىً عنها وليس لنا بها ناقه ولا بعير .واستدراكً منا وتجنباً لاتساع هوة الخلافات والمناكفات التي ليس منها اي طائل فاحياناً عندما تثار امامنا هذه النعرات العصبيه يكون الاجدى بنا اللجوء الى الصمت, فالصمت في هذا الحال ابلغ من الكلام منعاً للفتن ,أصمُت احياناً ليس ضُعفاً مني حتى لو فسَرهُ الاخرون بذلك, أصُمت لأنني أعلم أن الصَمت أبلغُ , الصمت عباده من غير عناء ,وهيبه من غير سلطان بكثرة الصمت تكون الهيبة ,والصمت زينه من غير حُلي , وحصن من غير جدار , واستغناء عن الاعتذار وكما قال الشاعر في مثل هذا الموقف:
أما ترى الأسود تُخشى وهي صامتة — والكلب يخسى لعمري وهو نباح .
ويقال اذا الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.. واخراً اختم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم :”من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت”.