بنظري ما وقع في مصر هو اسوأ مخرج للازمة القائمة هناك بالنسبة للمعارضة وافضل مخرج من المأزق الذي وقعت فيه حركة الاخوان المسلمين. اما الآن فليس من الصعب التنبؤ بما سيلجأ اليه الاخوان المسلمون من نهج قديم معروف.
لقد فقد الاخوان في السنة الاخيرة من الحكم دورهم السابق الذي منحهم التعاطف الشعبي العارم، دور المظلومين المعرضين للملاحقات من قبل السلطات. وهو ذات الدور الذي منحهم بالتالي اعلى قمم السلطة، إذ تحول التعاطف الانساني الى تصويت لصالحهم في الانتخابات.
لقد كان فوز الاخوان في الانتخابات يحمل معه خسارتهم الفورية لتعاطف المصريين معهم، لأنه من غير المتبع ان يتعاطف الشعب مع حاكمه لاسيما اذا كان الاخير يسعى الى الاستيلاء على بقية مرافق الدولة واقصاء الآخر عن المشاركة في ادارة البلاد.
وكما كتبت هنا ذات مرة ان ما رصده الاخوان من تعاطف المصريين معهم على مدار 80 عاما، استنفذوه في 80 يوما بمجرد استلامهم السلطة. وكان الاخوان في طريقهم الى تسجيل فشل ذريع في الحكم لأنهم لا يتقنون ادارة البلاد ولا ثقافة ادارية لديهم.
لكن العسكر بهذا الاجراء القسري في الواقع يلقون للاخوان المسلمين عجلة الانقاذ ويعيدون لهم دور المظلومين بأفضل طريقة ممكنة ليتحولوا من جديد الى فئة سلبوها حقها الشرعي في ادارة البلاد بعد ان استحوذت على هذا الحق عبر الصندوق، ولن يتذكر احد هل فعلا احسنت هذه الحركة ادارة البلاد ام لا.
لو ان القوات المسلحة تركت الاخوان يواصلون حكم البلاد مع منعهم من الاستيلاء على مرافق الدولة بصورة غير قانونية، لكانت النتيجة نهاية تعليق الآمال على الاخوان كقوة سياسية قد تقود البلاد الى الخلاص من كل اخفاقاتها، ولانتهت الى غير رجعة ظاهرة الاخوان كتشكيل سياسي ليس في مصر لوحدها بل وفي القطاع وبقية الدول العربية التي تطمح فيها مثل هذه الحركات الى قمة السلطة.
لا يمكن اعتبار ما وقع اليوم انقلابا عسكريا كلاسيكيا، انه انقلاب برداء ديمقراطي، لأن القوات المسلحة اطاحت بالرئيس ولكن ليس لتتولى هي السلطة، وانما لتمنحها لمحايد يقود البلاد الى طريق السلامة، ولهذا يمكن تسمية ما حدث انقلابا ولكنه ديمقراطي.