العالم الاسلامي يستقبل ليلة القدر بالابتهالات
يستقبل العالم الاسلامي ليلة القدر التي يربطها الكثير من المسلمين بليلة 27 من رمضان من كل سنة هجرية، وتتجه انظار المسلمين خاشعة الى الله ان يمن عليهم بالخيرات والبركات.
وتحظى هذه الليلة عند الامة الاسلامية بالكثير من الرمزية كما انها تحظى بالكثير من الفضائل و هي تعتبر منّة ومنحة ربانية لهذه الأمّة الّتي يريد الله بها خيرًا بتكرار مواسم الخير لها، ومن هذه المواسم ليلة القدر الّتي أنزل الله فيها القرآن. قال الله سبحانه وتعالى: {إنّا أنزلناه في ليلة القدر}.
ثبت في السُّنَّة المشرّفة ما يدل على أنها ليلة إحدى وعشرين، وأنّها ليلة ثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، حيث ثبت في الصّحيح قول نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم: ”تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ”، وهذا يدل على أنّها متنقلة في العشر الأواخر من رمضان، كما يقول المحقّقون من أهل العلم.
فعلى المسلم أن يجتهد في العشر الأواخر كلّها أكثـر من غيرها كما كان يفعل رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وينبغي الالتزام بهذه الوظائف، طلبًا لليلة القدر، وهي:
ـ القيام: لحديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ”مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” أخرجه البخاري.
ـ الدعاء: لقول أمّ المؤمنين السيّدة عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، أرأيتَ إن عَلِمْتُ أَيُّ ليلةٍ ليلةُ القدر ما أقول فيها؟ قال: ”قولي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي” أخرجه الترمذي.
ـ المحافظة على الفرائض: والمحافظة على الفرائض مطلوب في كلّ وقت. ولمّا كانت الفرائض أحبَّ الأعمال إلى الله، كانت المحافظة عليها في ليلة القدر من آكد الأعمال. قال الله تعالى في الحديث القدسي: ”وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ” أخرجه البخاري.
ـ المحافظة على المغرب والعشاء في جماعة: لحديث مسلم الّذي حدّث به عثمان بن عفان، رضي الله عنه، عن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال: ”مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ”.
ـ الاجتهاد في العبادة: فعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: ”كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا دخل العشر شدّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَى لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ” أخرجه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: ”وجَدَّ”.
فقولها ”شدّ مئزره” قيل: اعتزل نساءه، وقيل: اجتهد في عبادته فوق عادته. وهو الصّحيح عند بعض العلماء، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلم كان يعتكف كلّ رمضان في العشر الأواخر، ومعلوم أنّ المعتكف لا يقرب نساءه. قال تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المسَاجِدِ} البقرة .187 فما فائدة الإخبار بذلك؟ فيكون المراد الثاني، والعلم عند الله تعالى.
وقوله ”وأحيى ليله” استغرقه في السّهر للعبادة. وعن أمّ المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، أنّها قالت: ”كان رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يَجْتَهِد في العشر الأَواخر ما لا يجتهد في غيره” أخرجه مسلم. قال العلماء: كان، صلّى الله عليه وسلّم، يفعل ذلك طلبًا لليلة القدر.
ـ الاعتكاف: وبه يتمكّن الإنسان من التّشمير عن ساعد الجدّ في طاعة الله، لذا ”كان رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يَعْتَكِف في كلّ رمضان” كما قالت عائشة، رضي الله عنها، في صحيح البخاري.