ما أجمل ان نشاهد هذا اليوم أبناءنا يملؤون الشوارع والطرقات ـ ذكورا وإناثا ـ حاملين محافظهم، يعلو البِشْر وجوههم وترتسم الابتسامة على ثغورهم وهم في طريقهم الى المدارس، إنه يوم العودة المدرسية، تستعدّ له كل الأسر ويستقبله الجميع بقلوب يحدوها الأمل والتفاؤل رغم الوضع العصيب الذي تعيشه بلدنا ،ورغم مشاكل عدم جهوزية المدارس التي نعاني منها .
وإننا بهذه المناسبة السعيدة نريد ان نرفع اصدق أمنياتنا واخلص دعائنا لمدارئنا ولمعلمينا وطلابنا وأهل بلدنا عموما راجين لهم سنة دراسية زاخرة بالعلم والأدب .
ونود ان نغتنم المناسبة لنذكر الجميع بان الإنسان العظيم هو من يتمتع بأخلاق كريمة وعلم غزير فهو يحتاج هاتين الصفتين كي يتفوق وينهض ببلده وشعبه.
فالعلم سر نهضة الأمم والأخلاق مقياس تطورها و تقدمها ورفعة شأنها.
والعلم وحده لا يصنع الإنسان الكامل السعيد،إن لم يرافقه أخلاق وقيم ، وإلا سيضيع العلم والإنسان في صراع مدمر، فالبشرية خلقت لتسعد وتهنأ،وتعيش في طمأنينة وهناء.
ولقد رأينا امتنا الإسلامية بلغت ما بلغت من عزة ورفعة بين الأمم فقط عندما ربطت بين شعبة العلم وشعبة الأخلاق،فعندما اعتبرتهما “وجهان لعملة واحدة”كان الرقي، وعندما انفصلا فيما سمي بعد ب “العلمانية” – فصل الدين والعلم- ، كان الانحطاط والتقهقر.
وهاهم العرب قد كونوا حضارة عظيمة أساسها العلم و الأخلاق الفاضلة المستقاة من الإسلام فتميزوا وشاع خبر أخلاقهم وعلمهم في كل الميادين، فأبدعوا في الميادين العلمية و الأدبية و الاجتماعية و حتى الدينية حيث اتسعت الرقعة الإسلامية و كثر العلماء و الباحثون .
ولا يستطيع احد إنكار دعوة الإسلام لتحصيل العلم ،فقد قال الله عز وجل:
” يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات”
كما قال نبينا محمد(صلى الله عليه وسلم):”من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع.”
ولم يكتف الإسلام بذلك فقط بل جعل طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة.
لذلك يعتبر العلم منارة للأمم فيه تزدهر و به تنحط و لا يكون هذا الازدهار إلا بوجود الأخلاق لأنها أساس للعلم و مقياس لتطور الأمم و ارتقائها من كل النواحي ، وأن الشعوب تحيا و تزدهر إذا سلمت أخلاقه
وصدق امير الشعراء عندما قال:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ومن هنا كان لزاما علينا نحن امة”أقرأ” اذا أردنا النهضة مجددا ان نتمسك بجناحي النهضة والارتقاء:جناح العلم وجناح الأدب والخلق،فقد حثنا رسولنا الكريم على الأخلاق الكريمة فقال : “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” ،فالعلم وحده لا يكفى دون إيمان وخلق وحسن علاقة بالله عز وجل.
قال حافظ ابراهيم في شعرا:
فــإذا رزقــت خـلـيقة مـحـمودة فـقـد اصطفاك مـقسم الأرزاق
والـعـلم إن لــم تـكـتنفه شـمائل تـعـلـيه كـــان مـطـية الإخفاق
لا تـحـسبن الـعـلم يـنـفع وحــده مــا لــم يــتــوج ربـــه بــخـلاق
ختاما :نوجه الدعوة الى القائمين على العملية التعليمية لكي يأخذوا هذه القاعدة مأخذ الجد وان يضعوها موضع التنفيذ ما استطاعوا الى ذلك سبيلا،حتى نسعد ونرتقي بالعلم والخلق معا.
جمعية مكارم الأخلاق وجمعية سنابل الخير