منذ اندلاع اعمال الشغب الاخيرة في جمهورية مصر وانا اتخذ موقفا واحدا وهو ” لا موقف لي ” مما يحصل .. واتسائل من اعطى الحق للاطراف المتنازعة تكفيري او تخويني كما فعلوا مع الكثيرين ؟ من انتم لتحولوا نزاعا على الكرسي الى نزاع ديني؟
مما لا شك فيه ان ما يحصل في مصر هي مسألة الساعة وحديث الشارع، سواء كنت ممن يتابعون السياسة بشكل دومي او لا، الا ان متابعتك لشيئ ما لا يعني بتاتا انحيازك لاحد الاطراف، على الاقل في بداية اي نزال او صراع، فقد ترى مثلا ان احدهم على حق وما تلبث الا ان تغير رأيك بعد رؤيتك لخطأ ما على احد الاطراف، هذا الامر طبيعي للغاية، الا ان “الربيع العربي” ومن ثم المسألة السورية التي تنزف يوما بعد يوم، يبدو انها قد غيرت اراء الكثيرين وافقدتهم حلمهم وضعضعت منطقهم !
كما قلت، فأن مسألة اتخاذ القرار عادةً تكون طويلة وتستغرق وقتا ما خصوصا لو اردت ان يكون قرارك صحيحا، لذا فلا ضير في تأخير انحيازك، لكن احزروا ماذا يحصل ؟ ان كنت تمقت الاخوان لتصرفاتهم وقراراتهم الخاطئة ستصبح كافرا خائنا فلولا و”سيسياً” وان رأيت ان الاخوان هم الضحية وان ما يرتكبه الجيش المصري من عنف واضح مع المعتصمين وانتهاكات لأقل حقوق المواطنة فستصبح اخونجيا، متطرفا، ارهابيا وخارجا عن القانون !
والانكى من هذا وذاك هو ان الاختلاف في الاراء قد يفرق بين صديق واخر او اخ واخيه او حتى بين اب وابنه، خصوصا ان في بلادنا تطغو الاراء والصبغة الدينية “الاخوانية” على البقية خصوصا لو تعلق الامر بالامور الخارجية والمشاكل الخارجية، وهنا اقف للحظة واتسائل بحق، من اهم علاقتي الطيبة مع جاري او زميلي ام فرض موقفي وطرحه بما يخص المسألة المصرية ؟
من الظاهرتين اعلاه استشف امرين يدعواني الى القلق حول ما آل اليه مجتمعنا مع التطورات الاخيرة، الاولى هي، اننا نحب الصاق اراء مسبقة لكل شيئ دون دراستنا او تعمقنا بالموضوع مهما كان مهما، حيث ترى كل شخص يلصق “ستيجما” لاخر او يتخذ موقفا من جماعة ولا يرغب بتغييره حتى لو كان يعلم انه مخطأ في قرارة نفسه .
اما الامر الثاني هو انتشار ظاهرة فرض الاراء على الغير مهما كلفنا الامر، حيث لمست في الفترة الاخيرة ان لا مجال للنقاش بشكل حضاري اذا كان الامر محتدما، فالمهم ان يُخضعك الطرف الاخر ويسمعك رأيه ولا يهمه ان سمع رأيك ام لا، او ان كنت صادقا من عدم ذلك، فقد تأتي بدلائل ووثائق وحقائق تدين احد الاطراف دون اي جدوى .
وهنا اتسائل ثانية حول سبب هذه الظواهر السلبية في مجتمعنا ولماذا انتشرت؟ واعتقد انه وفي الوقت الذي سنتخلص فيه من هذه الظواهر سنسموا بمجنمعنا اكثر واكثر.
وقبل ان اختم مقالتي، استقامتي المهنية نحتم علي ان اصارحكم بشيئ، انا “انسان” قبل اي شيئ، اقف ضد اي مجرم سفاح يقتل شعبه بوحشية، حتى لو كان الشعب فاسقا او كافرا، فلا منطق بالدنيا كلها يعطي حقا لاي شخص باسالة الدم حتى لو كان القاتل وليا او مؤمنا جدا، لذا اقف ضد الطغاة، ولو برايي البسيط، في كل مكان ..