تعتبر الزكاة الركن الثالث من أركان الإسلام،وقد تكرر ذكرها في أكثر من ثلاثين آية بالقرآن الكريم ،فرضت في المدينة في السنة الثانية للهجرة، ولأهميتها قرنها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بالصلاة في اثنين وثمانين موضعاً قال تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) «البقرة -11»، وقال: (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة) «سورة الحج، – 41».
وقد أحصى العلماء للزكاة أكثر من خمسين فائدة دينية واجتماعية واقتصادية، وذكروا منها أنها طهارة لنفس وقلب الغني من الشح والبخل، وترويض لها على البذل والعطاء، وفي الجانب الآخر هي طهارة لنفس المحروم من الحسد والبغض، وطهارة للمجتمع كله من الفساد، وأداة لتحقيق التكافل الاجتماعي وتنمية للمال وتعويد للمؤمن على البذل والسخاء والكرم والجود قال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) «سورة التوبة – الآية، 103».
والزكاة وسيلة لتحقيق التكافل فقد أوجب الله سبحانه وتعالى أن يعطي الغني الفقير حقاً معلوماً مفروضاً لا تطوعاً ولا منة، قال تعالى: (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) «سورة الذاريات – الآية 19»، والمسلم يؤديها طوعاً، طاعة لله والتزاماً بعبوديته، لكن هذا لا يمنع من أن يجد أثرها ومنفعتها في دنياه وآخرته، لنفسه ومجتمعه.
والزكاة كذلك تحصن المال وتصونه لصاحبه من تطلع الأعين وامتداد أيدي المجرمين فعن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة وأعدوا للبلاء الدعاء»، «رواه الطبراني، وأبو داود». والإنفاق في سبيل لله يوسع الرزق ويقضي الحاجات ويكون سبب الفوز والنجاح والشفاء ونيل المأمول، والصدقة تحفظ صاحبها من أهوالِ يوم القيامة فهي ظله حتى يتم حسابه، كما أنها وقاية له من نار جهنم.
ومن الفوائد الاجتماعية للزكاة توفير مصدر رزق مستقر لعائل الأسرة والعمل على حفظ العلاقات الأسرية، وهي عون للعاجزين من المعوقين والمرضى وصغار السن واليتامى، فهذا يعطي من مال الزكاة حاجته جبراً لضعفه ورحمة لعجزه ،وأيضاً العمل على تدريب ذوي الاحتياجات الخاصة على بعض المهن ليكونوا أفراداً منتجين نافعين للمجتمع، كما انها عون لذوي الحاجات الطارئة مثل الغارمين الذين اضطروا للاستدانة ولم يستطيعوا الوفاء وأبناء السبيل من الغرباء المنقطعين عن أهلهم ووطنهم وضحايا الكوارث، وتساعد الشباب على تحصين النفس بالزواج والهروب من شبح العنوسة للفتيات، ووسيلة دعم لمعاهد القرآن الكريم مع دورها في كفالة طالب العلم وتساعد الزكاة على حل مشكلة البطالة عن طريق توجيه جزء من الأمول لإقراض الشباب للمشاريع الصغيرة،وتفتح الباب في استيعاب الكثير من أفراد المجتمع للعمل.
كما وتلعب الزكاة دوراً أساسياً وكبيراً في إزالة الأحقاد والضغائن من صدور الفقراء والمعوزين، عندما يرون تمتع الأغنياء بالأموال وعدم انتفاعهم بشيء منها، فربما يحملون عداوة وحقداً، فإذا صرف الأغنياء لهم شيئاً من أموالهم زالت هذه الأمور وتحققت المودة والوئام.
وفيها تنمية للأموال وتكثير لبركتها، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما نقص مال من صدقة». فهل بعد كل هذه الكنوز المستورة والبركات المنثورة في هذه الفريضة،سيبخل غني بماله؟! لا أظن ذلك.