كيف تُصبح مدارسُنا أماكنَ مشوِّقةً! بقلم: د. محمود أبو فنّه
كلّنا يعرف حيويّة الأطفال و”شقاوتهم”، فكلّهم حركة ونشاط وتعطّش للعب للمعرفة ولاكتشاف كلّ ما هو جديد!
وغالبيّة بيوتنا توفّر للأبناء الدفء والمحبّة والرعاية التي قد تصل، أحيانًا، حدّ الدلال!
بالإضافة إلى ما يمتلكه الأبناء – في البيوت – من أجهزة التلفزيون والحاسوب والهاتف الخلويّ والآيفون والآيبود، والألعاب الإلكترونيّة وغيرها من الألعاب العاديّة!
وتمرّ السنون، ويحين الوقت لنرسل صغارنا وأولادنا للروضات وللمدارس، فلا يجدون فيها ما تعوّدوا عليه من غرف مريحة مكيّفة، ومن معاملة حانية معزّزة، وأجواء حميمة، وأجهزة إلكترونيّة والعاب متنوّعة.
وهنا تقع الصدمة، ويبدأ الصغير بالتذمّر والشكوى، بل يُعلن استياءه وعدم رضاه عن المدرسة ومعلّميها وبرامجها، ويقولُها بكلّ صراحة:
“كم أتمنّى أن تطول العطل، وأن تُغلق المدارسُ أبوابها، فلا يكون هناك تعليم ولا وظائف بيتيّة ولا امتحانات ولا شهادات!”
والحلّ: على مدارسنا مواجهة هذه التحدّيات لتصبح أماكن مريحة جذّابة ومشوّقة لأحبّائنا الصغار:
عليها توفير البيئة المادّيّة الملائمة؛ غرف تدريس واسعة مكيّفة، مراحيض عصريّة نظيفة، ساحات واسعة، مقاعد مريحة مع أشجار ظليلة، قاعات ومختبرات ملائمة، أجهزة إلكترونيّة حديثة – من تلفزيونات، حواسيب، ألواح ذكيّة..
والأهمّ: أن يجد الصغار في المدارس المعاملة الإنسانيّة الداعمة، والقبول الحسن، والتفهّم والاحترام من المربّين والمديرين، فلا عنف لفظيّ ولا جسديّ!
كما ينبغي تغييرُ أساليب التدريس وطرائق التعليم والتقويم بحيث تراعي التمايز والتباين بين الطلاب، وتعمل على استثارة الحافز والدافعية لديهم، وتأخذ بعين الاعتبار تعدّد الذكاءات والميول والقدرات.
كذلك، يجب أن لا يقتصر دورُ المعلّم الأساسيّ على نقلَ المعرفة للطلاب، بل عليه أن يؤكّد على التوجيه والإرشاد، وخلقَ حبّ المعرفة وزيادة الحافز للتعلّم، وأن يعمل، المعلّم، على إكساب الطلاب مهارات التعلّم الذاتيّ المستقلّ، وتنمية مهارات التفكير العليا من: تحليل واستنباط ونقد ومقارنة وإبداع…
وينبغي أن تعمل المدرسة على إشراك الطلاب بصورة فعّالة في العمليّة التعليميّة – التعلّميّة، وفي بلورة السياسة التربويّة، وفي صياغة دستور المدرسة وأنظمتها، وتبتعد عن أساليب الحفظ والتلقين وحشو أدمغتهم بالمعلومات، وفرض القوانين الصارمة، وعليها أن لا تغفل تنمية الذائقة الفنيّة لدى الطلاب، فيكون فيها للرسم وللموسيقى حصصٌ كافية مع معلّمين متخصّصين.
كذلك، يجب تخصيص الحصص الكافية للرياضة البدنيّة مع توفير الأجهزة والملاعب الملائمة، فقد قال الأجداد: “العقل السليم في الجسم السليم!”.
كما تحرص المدرسة العصريّة الناجحة على توفير الخدمات الصحيّة والنفسيّة للطلاب المحتاجين لذلك.
وأخيرًا، تهتمّ المدرسة بالتربية اللامنهجيّة، فتعمل على فتح أبوابها بعد الدوام المدرسيّ للفعاليّات والمبادرات التربويّة والفنيّة والرياضيّة المتنوّعة التي تسهم في بناء شخصيّة الطلاب، واكتشاف مواهبهم وتنميتها، وفي استثمار أوقات الفراغ بصورة مُجدية وممتعة!
أنا على ثقة، أنّ الطلاب إذا وجدوا البيئة الداعمة، والظروف الملائمة، والمعاملة
الإنسانيّة الدافئة، وأساليب التدريس والتقويم الناجعة، والعلاقة الناجحة مع أهاليهم… عندها سيُقبلون على المدارس برغبة، لينهلوا فيها المعرفة المنشودة، وليكتسبوا المهارات اللازمة، وليذوّتوا القيم الحميدة الإيجابيّة!