أخي الحاج الطيباوي أوصيك بالتالي قبل انطلاق قوافل الحجيج الى بيت الله العتيق .
إن الحج رحلة العمر وفرصة المؤمن للتكفير عن خطاياه السابقة و طي صفحة التقصير و الذنوب و بدء مرحلة جديدة ملؤها الايمان الصادق و تخليص النفس من شوائبها و نزعاتها السيئة. و لما كان الأمر كذلك، يتعين على الحاج الاستعداد لرحلة الحج استعدادا إيمانيا و عمليا يجعل حجة مقبولا مبرورا.لذلك أنصحك وأوصيك اخي الحاج بأمور منها:
1- أخلص النية لله عز وجل واحذر الرياء: يجب على الحاج أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة لتكون أعماله وأقواله ونفقاته لوجه الله عز وجل وجل،وليس طلبا للثناء والسمعة ونيل لقب الحاج قال صلى الله عليه وسلم : “انما الأعمال بالنيات ولكل أمريء ما نوى”متفق عليه.
2- تعلم أحكام الحج والعمرة وما يتعلق بهما: وتعلم شروط الحج وواجباته وأركانه وسننه حتى تعبد الله على بصيرة وعلم، وحتى لا تقع في الأخطاء التي قد تفسد عليك حجك. وكتب الأحكام متوفرة.وبإمكانك ان تستفيد أيضا من تجربة من سبقك من معارفك بأداء الفريضة. ولا تتردد في السؤال و الاستفسار عن المناسك و غيرها سواء قبل الذهاب الى البقاع المقدسة او خلال وجودك فيها.
3- وفر النفقة لأهلك وأوصهم بالتقوى : فينبغي لمن عزم على الحج أن يوفر لمن تجب عليه نفقتهم ما يحتاجون إليه من المال والطعام والشراب وأن يطمئن على حفظهم ،ويوصيهم بتقوى الله تعالى .
4- تب إلى الله عز وجل من جميع الذنوب والمظالم: قال الله تعالى:”وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون” النور.وحقيقة التوبة: الإقلاع عن جميع الذنوب والمعاصي وتركها ، والندم على فعل ما مضى والعزيمة على عدم العودة إليها، وإن كان عندك مظالم للناس ردها وتحللهم منها سواء كانت مالا او غيره.
6- اختر النفقة الحلال واجتنب الدين : اجعل نفقتك من الكسب الطيب حتى لا يكون في حجك شيء من الإثم. فإن الذي يحج وكسبه مشتبه فيه لا يقبل حجه، وقد يكون مقبولا ولكنه آثم من جهة أخرى. ففي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إذا خرج الحاج بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك ، ناداه مناد من السماء : لبيك وسعديك، زادك حلال، وراحلتك حلال، حجك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بالنفقة الحرام الخبيثة ووضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك. ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك. زادك حرام، وراحلتك حرام، وحجك مأزور غير مبرور” رواه الطبراني.
7- احرص على الرفقة الصالحة: فإنهم خير معين لك في هذا السفر؛ يذكرونك إذا نسيت ويعلمونك إذا جهلت ويحوطونك بالرعاية والمحبة. واحذر صحبة البطالين الذين يقضون أوقاتهم فيما لا يعود عليهم بالنفع في الآخرة.
8-احرص على صلاة الجماعة في المسجد:فان بعض الحجاج يتهاونون في المحافظة على صلاة الجماعة، وينشغلون بشراء الحاجيات من الأسواق، وتذكر أخي الحاج بأنك قدمت لأداء الفريضة ولتحصيل الثواب، ولا يخفى عليك فضل صلاة الجماعة، وإنها أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة ،ولا تنس فضل الصلاة في الحرمين.
9- وطن نفسك على تحمل مشقة السفر وصعوبته : فإن بعض الناس يتأفف من حر أو قلة طعام أو طول طريق. فأنت لم تذهب لنزهة أو ترفيه، اعلم أن أعلى أنواع الصبر وأعظمها أجرا هو الصبر على الطاعة.. ومع توفر المواصلات وتمهيد السبل إلا أنه يبقى هناك مشقة وتعب.. فلا تبطل أعمالك أيها الحاج بالمن والأذى وضيق الصدر ومدافعة المسلمين بيدك أو بلسانك بل عليك بالرفق والسكينة.
9- حافظ على حرمة الأماكن المقدسة :فلا تهم فيها بعمل السوء، فقد توعد الله من فعل ذلك بعذاب أليم، قال تعالى: “ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم”. وحذار أخي الحاج من اذية إخوانك. وقد حرم الله إيذاء المؤمنين والمؤمنات بأي نوع من الإيذاء ، في كل مكان وفي كل زمان، فكيف بإيذائهم في البلد الأمين، وفي الأشهر الحرم، وفي وقت أداء المناسك، وفي مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟! لاشك أن هذا يكون أشد إثماً وأعظم جرماً، قال الله تعالى: “الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج” وقال تعالى: “والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبينا”. و ينبغي أن يسلم من المسلم سائر المسلمين و الحيوانات و النبات والشوارع…
وأخيرا وليس آخرا اعلم أخي الحاج ان الأجر على قدر المشقة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة -رضي الله عنها-: “ولكنها على قدر نصبك -أو قال-: نفقتك”، الأجر على قدر المشقة، وبالتالي لا حاجة إلى التنافس في التنعم.
واحذروا ايها الحجاج أن ينزغ بينكم الشيطان فأنه عدو متربص فتحابوا في الله وتجنبوا الجدال ومعصية الله واعلموا ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال :” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.
رزقكم الله حجا مبرورا وعملا متقبلا