بمناسبة اقترابنا من الذكرى الـ57 لمجزرة كفر قاسم، والتي ارتكبها قوات حرس الحدود مع بدء حرب العدوان الثلاثي على مصر، حيث قتلوا بدم بارد 50 شهيدا على مدخل كفر قاسم، إرتئينا في موقع الطيبة نت بان نحاور شقيق الشهيد الطيباوي، الذي ارتقى في تلك المجزرة شهيدا، وهو الشهيد محمود محمد حبيب مصاروة.
وقال شقيق الشهيد، ابراهيم حبيب في حديثه لمراسلنا وهو يصف احداث ذلك اليوم المؤلم قائلا:” لا شك ان تلك الايام هي ذكريات اليمة جدا، خصوصا وان محمود كان الاخ الاكبر في العائلة وهو الذي كان يعليها، لان ابي كان في تلك الفترة متقدم بالسن، وحتى شقيقنا الاكبر المرحوم عبد اللطيف حبيب كان حينها يدرس في المرحلة الثانوية”.
” شقيقي كان يعمل وينام في كفر قاسم وينقل العمال الى تل ابيب…”
وأضاف:” لذلك فان شقيقي محمود كان يعمل في كفر قاسم، وذلك بنقل العمال من كفر قاسم الى تل ابيب ومن ثم يعيدهم الى كفر قاسم، وينام هناك، وكان يستكفي بالعودة للطيبة بين الفترة والاخرى، حيث انه كان متزوج وزوجته كانت تعيش بالطيبة، وهذا طبعا كان في العام 1956 أي عام ارتكاب المجزرة المؤلمة والتي تركت صداها في قلوبنا حتى اليوم”.
” الحرب مفاجئة ولم نتوقع ان يقتل خصوصا بهذه الطريقة”
وتابع قائلاً:” حين نشبت الحرب، قلقنا على شقيقي محمود كثيرا، لانه كان بعيدا عنا، لكننا لم نتوقع ابدا ان يقتل، خصوصا بهذه الطريقة، أي انه لو قتل في حادث طرق لكان الوقع اقل شدة، فاعتقدنا انه في مأمن من الاذى والحرب، خصوصا وان الحرب كانت مفاجئة ولم يتوقعها احد، فاسرائيل دخلت الحرب متأخرة نسبيا وبشكل فجائي حاظرة التجوال في البلدات العربية”.
” منظر جثة شقيقي… لا انساه ما حييت!”
ومضى يقول:” في ذلك اليوم اذكر ان سيارة كان يقودها شخص من كفر قاسم، ومعه شاب من الطيبة، توقفت امام بيتنا، ثم وضعوا جثة شقيقي محمود ونزل من السيارة الشاب الطيباوي وبدأ يصرخ ويسأل عن اقرباء الشاب المقتول، فسرعان ما خرجنا ونظرنا الى الجثة واذا بها لشقيقي محمود، تفاجئنا جدا وصدمنا، وعم الحزن جميع افراد العائلة لدرجة ان عدد منهم اغمي عليه، واذكر انني لم استطع النوم بعد هذه الحادثة بثلاثة ايام الا بعد تناولي ادوية من الطبيب، ومنظر الجثة المرعب لا يمكنني نسيانه ما حييت”.
” بعض المقبلين على الزواج في تلك الفترة اجلوا حفلاتهم لشهرين والحزن ساد قرية الطيبة حينها…”
وعن ردة فعل اهل الطيبة في ذلك الوقت قال:” الحزن ساد على الجميع في حينها، وكانت حينئذ الطيبة قرية صغيرة، وعلى ما اذكر ان بعض المقبلين على الزواج في تلك الفترة اجلوا حفلاتهم لمدة شهرين حدادا على روح الفقيد، فهو كان صديق الجميع وتربطه علاقة طيبة خصوصا مع الشباب، وايضا كان محبوبا لدى كبار السن”.
” تربطنا بكفر قاسم علاقة صداقة حتى يومنا هذا…”
وإستطرد قائلا:” جدير بالذكر ان اهالي كفر قاسم، عرفوا جثة شقيقي محمود، وقاموا بالاستعانة للرجل الطيباوي لكي ينقلها لنا، لانهم تحيروا كيف بامكانهم ان يوصلوا لنا مثل هذا الخبر المفجع، لا سيما وانه كانت تربطنا بهم علاقة طيبة وهي الى يومنا هذا، هذا الحدث وقع حينما كنا صغار واطفال، وكانت ضربة موجعة ومؤلمة للعائلة وايضا للجيران ولجميع شباب الطيبة في ذلك الحين لانه كان عزيزا عليهم”.
” شهداء كفر قاسم لم يكونوا بمعركة والمجزرة تعتبر فضيحة لاسرائيل…”
وأردف قائلاً:” لم نتوقع ابدا ان يقوم جيش دولة، بقتل شعبه، جيش يرصد تحركات عمال عزل خرجوا لتأمين قوت يوم اطفالهم، ثم يقوم الضابط باصدار اوامره (بحصد) هؤلاء المساكين، شهداء مجزرة كفر قاسم لم يكونوا في معركة، واذكر ان هذا الامر كان له انطباعات سلبية حتى لدى المواطنين اليهود في الدولة، وكانت فضيحة بكل المقاييس لدولة اسرائيل على المستوى العالمي، لان الجيش قتل مواطني دولته بطريقة همجية وبشعة ليس لشيء الا لانهم عرب”.
” المجزرة مرت بدون عقاب”
وإختتم ابراهيم حبيب حديثه بإنتقاد لعمل لجان التحقيق التي شكلت في اعقاب المجزرة قائلا:” للاسف فان اللجان لم تقم بواجبها، واكبر دليل على ذلك ان المجزرة مرت دون معاقبة، محاسبة او حتى محاكمة الضباط والجنود المسؤولين عن المجزرة”.