سبحان الله ,غريب عجيب سلوك المسلم العربي، قبل فترة قصيرة للغاية وزع الكلمات الرقيقة والعذبة التي تنافس النسيم رقةً: لشولميت ودنيئلة وعليزة , وانهارت حروفها الناعمة بسخاء كغزارة أمطار الشتاء,على الغرباء ك: يتسك وبنيامين وكوهن وأزولاي، وعند أول عتبة عرينه، عبوس و”تكشير” وتوتر وصراخ وزمجرة ,هكذايستقبل زوجه الحنون الطاهرة العفيفة، وأولاده وأهله وأحبابه ببسمة صفراء جافة كأنها جلبت من الصحاري القاحلة النائية .
ولهذا أريد في هذا اللقاء إذا أذنتم لي أن أتكلم عن شيء قد تبخر من ألسنة الكثيرين, ليس من جفاف في الحلوق، وليس” لبخل وجفاف” لغتنا وحضارتنا الثرية ,ولكن لجفاف القلوب والنفوس وأقفرارها, فقحطت الألسن عن جود الخير فيها ، ولنا في قوله تعالى لرسوله محمد :” وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ” سورة آل عمران 159.فسألت نفسي الحزينة لماذا نبخل بالكلمة الطيبة الساحرةالحلال على زوجتنا وأحبابنا وطلابنا، ونحن نعلم يقينا أننا نطرب ونعشق سماع الكلمة العذبة” الزوجة والأبناء والمدير والمعلم والطالب والرئيس “وما زلت أبحث أين ذهبت الكلمة الرقيقة الساحرة ؟ هل تعرف المكان الذي توجهت إليه بعد أن تركت الكثيرين منا, ولربما تاهت في البلاد عن العباد؟ فالكلمة الطيبة المضيئة لها مزايا عديدة لأنها تقرب القلوب وتذهب حزنها وتمسح غضبها, وتشعرنا عندما نسمعها أننا في سعادة وسرور، وخاصة إذا رافقتها ابتسامة صادقة، الكلمةُ الطيبةُ مفتاح وجوازُ سفر إلى تأليف القلوب، حيث يشتاق إليها السامع، ويطرب لها القلوب الأذن فتنساب انسياب الهواء، فتعطر الأرجاء، وتطيب الأنحاء، وتلطف الأجواء، وتصعد إلى السماء، متجاوزة السحب، وتشق الحجب، مشتاقة لربها، وإليه مستقرها ومستودعها؛ قال الله تعالى: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} [فاطر: 10]. الكلمةُ الطيبةُ أنها جميلة رقيقة لا تؤذي المشاعر تُسر بها النفوس ، وتنشرح لها القلوب، فتُبقي فيها أثرَها الطيب، وتنشر فيها أريجها الفواح، وتوتي أكلها كل حين؛ وتوثقَ أواصر المحبة، وتقوية روابط الأخوة ، وتعزيزَ للوئام.
ورضوانٌ من الله أكبر. الكلمة الطيبة شجرة وارفة الظلال، مثمرة يانعة، ضربت في باطن الأرض جذورَها، ؛ الكلمة الطيبة شجرة مثمرة دائمة الخير والعطاء, فأثمرت عملاً صالحاً في كل وقت بإذن الله ,وهي أسهل طريق لجني الحسنات، ورفع الدرجات، وحط السيئات، ودخول الجنات : فالكلمة الطيبة ثوابها ثواب الصدقة قال الله تعالى: {ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون} [إبراهيم: 24-25]. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (والكلمة الطيبة صدقة). فبالكلمة الطيبة الساحرة تحصل الرغبات كلها، فكم قربت بعيداً، ويسرت صعباً، وذللت عسيراً، وفتحت قلوبا وأبواباً، وعبدت طرقاً، وهيأت نفوسا وأسباباً، وبلغت غايات لا تبلغ إلا بشق الأنفس . الكلمة الطيبة اللطيفة التي تخرج من شفتيك,فليس شرطا إن تكون شاعراً ً، ولا خطيباً بليغاً، ولا عا لماً متقدماً، ولكنها بحاجة الى إحساس مرهف ، وتعاملً راقي، ومنطق ً حسن ، وقد يُحرم منها أربابُ الشهادات والجامعات قال الله تعالى :- ( وقولوا للناس حسناً). وجاءت الكلمـة الطيبـة فـي السنـة النبويـة الشريفة، قال صلى الله عليه وسلم: (( اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة )). (( وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( في الجنة غرفة يُـرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها)) فقال أبو مالك الأشعري: لمن هي يا رسول الله ؟ قال: ” لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات والناس نيام)) الكلمات الطيبة التي ينبغي على المسلم أن يمارسها أثناء كلامه مع الناس : جزاك الله خيراً ، بارك الله فيك ، عفا الله عنك لم فعلت كذا ، غفر الله لك ،أشكرك أخي الكريم، رحمك الله تعالى ، معذرةً أخي الحبيب،لو سمحت أخي الفاضل، ما شاء الله ولا قوة إلا بالله، أحبك بالله،ما أروعك،ما هذا الجمال المتألق،لو تكرمت أخي المسلم على أهلك بالكلمات الطيبة لطربت الاذن، واطمأئت القلوب وأحبك الآخرون .
** عن أبي هريرة قال: قال رسول الله “وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ”. **فإن كان في الأمور الدينية فإمَّا أن يكون: في الدعوة إلى الإيمان وهو مع الكُفَّار ،وتكون بالقول الحسن، كما قال تعالى لموسى وهارون عليهما الصلاة والسلام :” فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى” سورة طه44 وأمرهما الله تعالى بالرفق مع فرعون الكافر المتمرد على الله تعالى.
** وأما في الدعوة إلى الطاعة مع الفاسق.بالقول الحسن فيه معتبر، قال تعالى: “ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْـحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْـحَسَنَةِ”سورة النحل125 .
** وأما في الأمور الدنيويَّة، أنه إذا أمكن التوصُّل إلى الغرض بالتلطُّف من القول قال تعالى :” ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ” فصلت 34. فما أجمل أن نتعايش في حياتنا بجمال التعامل وطيب الكلام ,فإنهآ تزرع بقلوبنا ونفوسنا الفرحه والإبتسامه والسعادة, فآزرعوآ الكلمة الطيبة الساحرة بينكم و بين أهلكم وأقاربكم وأحبابكم والناس أجمعين. فلتكن الكلمة الطيبة اللطيفة شعارك، ولتجر الكلمة الطيبة الساحرة دوماً على لسانك !.
المحب والداعي لكم بالهداية للكلمة الطيبة الساحرة الحلال
الشيخ أبو عكرمة الطيباوي