تأثرت شخصية الفرد العربي ، وطبيعة المجتمع تأثراً نوعياً كبيراً في الحقبة المعتمة، في الخمسة عقود التي مرت فيها، في ظل سلطة النظام الديكتاتوري (الديمقراطي )الذي سعى لتكريس شعاره جئنا لنبقى، مسترشداً بمنهج شعب الله المختار ، والغاية تبرر الوسيلة، وظل سائراًً على نفس النهج،
بعد انحسار سلطة الدوله وتحولها بروحية التآمر الى سلطة القائد المطلق، تكللت بإعدام الكثير من قيادات الحركة الوطنية منذ دخوله للبلاد مرورا بشهداء هبة اكتوبر،الى يومنا هذا … وتوجيه ضربة قاصمة الى كل القوى السياسية عبر حملات التشويه ومصادرة الحريات المنظمة، جرى خلالها تفريغ الساحة السياسية من الصوت المعارض والمطالب باسترجاع الحق لاهله وأسس الوطنية الحقة، ومن ثم توالت بعدها إجراءات التصعيد التدريجي لحملة سياسة أسرلة المجتمع وعسكرته، ولم تعد هنالك حريات بالمطلق، فتسنى لهذا النظام العبث بكل مقدرات البلد بعد أن زجه في صراعات داخلية لم تخرج عن أطار كونها نزوات فردية. بها أطماع وعقد نفسية.
أن خصوصية الأحداث في الوسط العربي أفرزت العديد من التداعيات والأزمات، كانت كوارث متلاحقة بحق، ألحقت أضرار كبيرة بكل مكونات المجتمع ، بعد أن لعبت أهوالها المتراكمة دور سلبي في التأثير على الفرد والمجتمع، حادت به الى ارتدادات قهقرية الى الوراء، قوضت من انصهاره البنيوي، وساعدت على تشتته، وأنعشت فيه قيم القبلية والعصبية والعائلية التي زاغت به بعيداً عما هو عليه من معالم حضارية، معرفية في الفكر والثقافة والأخلاق والعادات والتقاليد.
ليس في الأمر أي مبالغة حين توصف هذه الحقبة بالمظلمة، بعد أن سعت عبر منظومة من الأجهزة والآليات الى استحكام الهيمنة المطلقة على البلد، وارتهان المواطنين العرب بدهاليز وأنفاق خططها ومشاريعها الفئوية في عسكرة الحياة، تنشد تشكيل ماهية المجتمع العربي التي تريد، وذلك هو السبب في بدايات الشرخ الذي نشأ في بنى الدولة والمجتمع، توسع بمرور الزمن، وصار الخلل واضحاً، بعدما تنوعت أساليبها، إيغالا في التهميش والإلغاء والبطش لكل شيء لا يتواءم مع السلطة، عبر انتهاج أسلوب الترهيب والترغيب، الذي لم يدخر وسعاً في استخدام كل أشكال القهر، والظلم، والجور، والإذلال، والقتل، والتشريد، والإبعاد، في الوصول الى غاية الترسيخ بالحكم، ودرء المخاطر التي تحيق به.
الفكر والثقافة واحد من تلك المجالات التي أفرغت من محتواها ودورها الحقيقي، عبر العديد من مكائن الاستلاب والقهر، بعد أن حدد لها سقف المناورة، واجتيازه يعني التهلكة.
فكان لزاما على هذه السلطة ممارسة التجهيل الممنهج واخفاء معالم وتقزيم احداث واستخاف بشخصيات قيادية ودمج المواطن في اماكن عمل تعطيه الفرصة للكسب المادّي وان تطلعاته فقط كيف ينشئ بيتا جميلا وان من يملك المال فله قيمة واحترام حتى وان كان سخيفا.
ومع كل هذا نشأ ولا زال ينشأ عقول استطاعت تخطي هذه العقبات والحواجز وبث روح الوطنية الحقة داخل المجتمع وفي مرحلة ما استطاعت استقطاب الجماهير الى حضنها ومكانها المناسب,,ولكن وللاسف لم تستطع ان تحافظ على هذا الزخم والجهد التي حققته لان بعض العقليات التي كانت ولا زالت موجودة عند البعض تعاني من عقدة الكرسي والقيادة وكان النجاح يجب ان يبقى مرهونا بالشخص اكثر من الفكرة.
فنرى نتيجة لذلك مراوحة المجتمع والمواطن مكانه او للوراء كثيرا وللامام قليلا مما يجعله يتخبط وبالتالي عدم الانصهار بكل ما فيه داخل الفكرة وحمل الرساله وايصالها للاجيال والسعي لانجاحها.
وهنا لابد من الاشارة ان على الاحزاب التي نشأت بمرور هذه الفترات والتي لا تشكيك في وطنيتها ومصداقيتها والتي هي اصلا من قادت هذه الثقافة ولا شك انها الاكثر تعرضا للهجوم من السلطة واعوانها مشكورة على ذلك بان تقوم بتشكيل حقيقي لمجلس اعلى موحد لها للسعي في قياده الجماهير العربية باهداف ورؤى واقعية بعيدا عن المناكفات والمزايدات لمواجهة الواقع الذي نعيش ونطمح بان يكون في عيش مشترك يحفظ حقوق الاقلية الاصلانيه في المساواة والعيش بكرامة وتجمعه تحت سقف العروبة اولا بكل اديانها وطوائفها.
مين يفهم بس.