الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله سيد الأولين والآخرين وإمام الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه وأتباعه ووراثه وإخوانه إلى يوم الدين.
اللهم إنا نسألك في هذه الساعة المباركة وهذه الليلة المنورة وهذا الاجتماع المبارك أن تجعلنا في أنوار حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم وتحت لوائه يوم لاظل إلا ظله .
أيها الإخوة المؤمنون : احتفالنا هذه الليلة بسيد الكائنات وأفضل المرسلين وصاحب لواء الحمد وصاحب الشفاعة العظمى ، احتفالنا هذه الليلة بصاحب الشريعة الكاملة ، وبصاحب الشريعة الخالدة ، صاحب لواء التوحيد لله سبحانه وتعالى وصاحب العبودية لله وحده لاشريك له ، احتفالنا في هذه الليلة بالنبي الأمي الذي كان حظنا عظيماً وعظيماً حين سبق في علم الله أن يكون نبينا وأن نكون من أمته.
نبينا الذي نحتفل الليلة بمولده الكريم هو النبي الذي جاءنا بالحق والهدى والنور وهو النبي صاحب الوحي الذي لاينطق عن الهوى ، وهو النبي الذي جاءنا بالحق والهدى ، لايأتيه الباطل من بين يديه ولآمن خلفه تنزيل من حكيم حميد.
الاحتفال أيها الإخوة بذكرى المولد والفرح والحبور والسرور والاعتزاز ذاك حق كل مسلم بل حق كل إنسان أشرقت حياته بأنوار المصطفى عليه الصلاة والسلام ، وأهل الاحتفال بحق هم المؤمنون المسلمون المحبون الصادقون المتبعون المخلصون الذين يشعرون أن أنوار المصطفى عليه الصلاة والسلام شرفت حياتهم ، وأشرقت في نفوسهم ، وأحاطتهم بحياة سعيدة من كل جانب من جوانبها لأن نبيهم الذي يحتفلون بميلاده هو الذي فتح عليهم النور الكامل وأخرجهم من الظلمات إلى النور ، الرسول يخرج أمته من الظلمات إلى النور كما قال سبحانه وتعالى : ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله ،
إذن حظنا عظيم أن يكون مخرجنا من الظلمات إلى النور هو نبينا وحبيبنا سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وجزاه عنا أكرم مجازى نبياً عن قومه ورسولاً عن أمته
صاحب الذكرى العطرة هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال له ربه : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا
وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا
وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا
صاحب الذكرى العطرة التي تشملنا أشعة أنوارها في هذه الساعة هو النبي الذي قال له ربه : يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ
صاحب الذكرى الطيبة هو النبي الذي قال له ربه : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين والذي قال له معظماً خلقه : وإنك لعلى خلق عظيم
إذن احتفالنا ينبغي أن يكون للمعاني التي جاءنا بها وللمعالي التي دعانا إليها وللأخلاق التي كانت متمثلة مشعة من ذاته الكريمة الطيبة الطاهرة ، وبهذه المناسبة أذكر كلمة نبها نية طالما سمعتها وسمعها إخوتنا الكرام من سيدنا النبهان العظيم صاحب هذه الدعوة ومحي هذه الذكرى حقيقة يقول : ليس الاحتفال بالمولد الكريم أن نتلو في مناسبات المولد قصة مولده فحسب وأن نقول : أنه صلى الله عليه وسلم كان أبيض اللون مشرباً بحمرة هو عليه الصلاة والسلام أجمل الخلق أجمعين إنما الاحتفال الحق هو أن نتخذه أسوة وقدوة وأن نسعى إلى الإتباع الكامل لذاته ولأخلاقه ولحاله وقاله في هذه الحياة فإذا شعت أنوار المصطفى صلى الله عليه وسلم في التابع أصبح جميل الروح وإن كان أسمر البشرة ، أصبح محبوباً في قلوب الخلق وإن كان أعجمياً أسود اللون ، لأن الجمال هو جمال الروح ، وهو الذي يجعل الإنسان محبوباً في قلوب الخلق أجمعين
فما الفائدة من إنسان يعطيه الله جمال الجسم ويكون سيئ الفعل والقول ، أما إن كان الإنسان قد قصرت به خلقته فإن اتباعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم يجعله عند الناس حبيباً عظيم الشأن جميل الروح وهذا هو الجمال الحقيقي الذي نصل إليه باتباع المصطفى عليه الصلاة والسلام.
قصيدة في ذكرى المولد
رسـول الله قـد حَقَّ المديح فـذا شـهر الربيع أتى يفوحُ
يـزف الـبشر مقروناً ببشرى فـيسعدنا وتـندمل الـجروحُ
وذكـرى أحـمد للروحِ روحٌ بـها تـحيا القلوب وتستريحُ
وذكـرك هاجَ أشجاناً بقلبي فـما أدري أأفـرحُ أم أنوحُ
فـفي قـلبي من الأشواق نارٌ يُـؤَجِّجُها الـتغني والـمديحُ
وأنـت بِـسِرِّ ما أخفي حفي فـما أدري أأكـتم أم ابوحُ
فـفي الأسـرار أسرار لحبي وفـي الإعـلان ترويح iiروحُ
لـه قـلبي له فكري وشِعري لـه قـولي الـمُكَنَّى والصريح
فـفي فـجرٍ تـفجرَ نور iiطه وفـي صبح بدا الوجه الصبيح
يَـشعُ جـبينه نـوراً مـضيئاً وفـي أعـطافه مـسكٌ يفوح
أضـاءَ سـناؤهُ شـرقاً وغرباً وفـي أرض الـشآم غداً يلوح
فـقري أعـيناً يا بنتَ وهبٍ فـذا الـتعبير لـلرؤيا صريح
وإبـراهيم دعـوته استجيبَت بـأحمدنا وقـد صَدَقَ المسيح
لـه الآيـات دلَّـت بـيناتٍ كضوء الشمس كان لها وضوح
فـأصنام على الأذقان خَرَّت وأبـرهةٌ بـأرض منىً سطيح
وأُرعِـدَ قيصر وارتاع كسرى وقد صدعت بملكهما صروح
كذاك الجن قد هتفوا اصاحوا فـذا عـجل ينادي يا جليح
وكـان لـصوته عـمر سميعاً تـمـام نـدائه أمـر نـجيح
نـبيٌّ جـاء لـلتوحيد يدعو بـهذا قـد أتـى نبأٌ صحيح
وأحـبـارٌ ورهـبانٌ تَـنَادوا لـقد ولـد الـنبي ألا فبوحوا
وكـلُّ الأنـبياء لـه اشاروا وآدمُ مـنهم وكـذاكَ نـوح
بـمولدِ أحمدَ الأكوانُ ضاءت كـأن سـناؤهُ في الكون يوح
بـه أم الـقرى تزهوا افتخاراً وتـبتهج الـمرابع والـسفوح
وأزهـارُ الرياضِ تفوح مسكاً ووجـه الـدهر مبتسمٌ فروح
أتـى الـحق المبيد لكل iiظلمٍ أتى الهادي الأمينُ أتى النصوحُ
مـحمد خـير ما وهبَ الكريم بـه الـخيراتُ كان لها فتوح
ورحـمته مـن الرحمان فيضٌ عـلى كل الورى أبداً تروح
لـه الـخلق العظيم به تسامى عـلى كل الورى وهو المنوح
عـفوٌّ واسـعٌ يـزداد حلماً إذا مـا غـاظه فـظٌ لحوح
سَـلُوا زيـدَ بن سعنة إذ أتاه وكـان لـدينه أجـل فسيح
فـطـالبه وشـدَّ لـه رداءً وفـي كـلماتهِ كَـلِمٌ قـبيح
فـسل حـسامه عـمر وقالَا ألا دعـنـي لـهامته أُطـيح
فـقال لـه رسـول الله مهلاً فـخيرٌ مـن إخافته السموح
ألا قــم أدِّه حـقـاً وزده وكـن سمحاً فليس بنا شحيح
فـصاح الحَبْرُ أنتَ رسولُ iiربي وقـولك صادق حقاً صحيح
فـفي تـوراتنا وصـفُ النبي حـليم لـيس منتقماً صفوح
هـو المصدوق في قولٍ وغيبٍ وكـل كـلامه وحيٌ صريح
مع الأصحابِ ألطف من نسيم رحـيـمٌ لـينٌ بـرٌ سـموح
تـبسمه يـدلُ عـلى رضاه وإذ مـا سـاءه أمـرٌ يشيح
يـمازحُ صـحبَه ويقول iحقاً ولـيس بـوجهه لـهم كلوح
ولـو وُزِنَ الأنـامُ بفضل طه لـكان لـه بلا شكٍّ رجوح
وتـرجوه الـخلائقُ يومَ حشرٍ فـليس لـغيره لـهم جـنوح
وسـنته كـبدرٍ بـعدَ شمسٍ بـيان لـلكتاب لـه شروح
وأكـرم بالصحابة حيث كانوا هـداة كـالنجوم إذا تـلوح
وآل الـبيت نـور فـوق نور وحـبهم لـكل أذى يـزيح
مـتى تطوي المطي بي البوادي ويـبدو لـمقلتي ذاك الضريح
أمـرّغ وجـنتي فـيه احتفاء وأنـشق تـربه مسكاً يفوح
صـلاة الله والأمـلاك جمعاً على أزكى الورى نسباً تروح
إذا ما غردت في الروض ورق فـناح لـشجوها قلب جريح
ومـا ذكر الحبيب على لسان وانـشد مـدحه حا صدوح
كلام رائع
اللهم صل وبارك على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد صل الله عليه وسلم.