يقضي معظمنا ساعات العمل الطويلة جالساً وراء مكتبه من دون حراك، ومنهمكاً في إنجاز المهام المتراكمة، حتى أنّنا أصبحنا نهمل مسألة تناول وجبة صحية أو القيام بأي نشاط جسدي، ونعتبر ذلك ضرباً من الرفاهية بدلاً من كونه حاجة أساسية. وفي دوامة هذا الروتين اليومي، قلما نكون قادرين على إنجاز نصف ما نتوقع إنجازه.
وفي هذا الإطار، أكد “رايت بايت” (Right Bite)، المركز الرائد في إستشارات التغذية وتقديم الطعام الصحي، على أهمية التغذية الصحية المتوازنة خلال ساعات العمل لأنها تزيد قدرة الدماغ على العمل بكفاءة بنسبة تصل إلى 20%.
وقالت هلا أبو طه، اختصاصية التغذية في “رايت بايت”: “لا يخفى على أحد التبعات السلبية لهذا الخمول الجسدي على إنتاجيتنا في العمل. لطالما تكرر على مسامعنا أنّ المزيد من الحركة يولد المزيد من النشاط والطاقة. لكن الأهم من ذلك أنّ قلة الإهتمام بالتغذية تؤثر سلباً أيضاً على قدراتنا في العمل”.
وكشفت الدراسات العلمية أن ندرة النشاط الجسدي وقلة التمارين الرياضية تزيدان احتمال إنخفاض الإنتاجية في العمل بنسبة 50%، بينما تتسبب العادات الغذائية غير الصحية في خفض هذه الإنتاجية بنسبة 66%. حتى أنّ هذه النسبة قد تصل إلى 93% عند أولئك الذين يهملون تناول الفواكه والخضار والأطعمة القليلة الدسم أثناء ساعات العمل.
كيف تؤثر قلة الحركة والنمط الغذائي غير الصحي في الإنتاجية؟
قالت هلا: “يستمد الدماغ تغذيته بشل رئيس من الغلوكوز، ولهذا تجد الأشخاص الذين لا يعتمدون نمطاً غذائياً صحياً أقل نشاطاً وغير قادرين على التفكير بوضوح، مما ينعكس بالتالي سلباً على إنتاجيتهم في العمل. ويتمثّل تأثير سوء التغذية على قدرات الأشخاص العاملين في جوانب عدة، فعدم تناول وجبة الإفطار قبل التوجه إلى العمل باكراً مثلاً، يؤدي إلى قلة التركيز خلال إنجاز المهام اليومية بسبب نقص وصول التغذية إلى الدماغ. كما يتسبب نمط الحياة الذي يفتقر إلى التنوع الغذائي ويعتمد على الوجبات السريعة المشبعة بالدهون والسعرات الحرارية، في الإصابة بالتوتر، وهو أكثر الظواهر شيوعاً في أيامنا هذه. إلى جانب ذلك، تؤدي التغذية غير المتوازنة إلى نقص في الفيتامينات والمعادن، مما ينعكس بدوره على الصحة العامة ويتسبب في الإعياء والإرهاق”.
وأضافت: “فضلاً عن كل ما سبق، لا نغفل الدور الحيوي للتمارين الرياضية في تحسين أداء الأشخاص العاملين، خصوصاً أصحاب الوظائف المكتبية الذين يقضون يوم العمل بالكامل في المكتب أو وراء شاشة الكمبيوتر”.
كيف نتعامل مع هذه المشاكل؟
تعليقاً على ذلك، قالت هلا: “يمكن لجهد فردي بسيط أن يحدث بالغ الأثر في تحسين قدرتنا اليومية على العمل. وأفضل ما يمكننا القيام به في حال تعذر حصولنا على وجبة منزلية صحية هو الحصول على خدمة غذائية صحية. نحن بحاجة إلى ثلاث وجبات صحية رئيسية ووجبتين خفيفتين يومياً. ويلعب النظام الغذائي الغني بالألياف والخضار والفواكه، والفقير بالسكريات والدسم، دوراً هاماً في التخلص من التوتر. فالفواكه هي أفضل وجبة خفيفة يمكن الحصول عليها إذا تم تناولها بكميات مدروسة”.