كما تحتفل الطبيعة بنفسها في الربيع مع بداية شهر آذار، كذلك نحتفل نحن البشر في هذا الشهر بنصف المجتمع، فالطبيعة تحتفل في هذا الشهر بجمالها تفتح الورود واخضرار الأرض ونحن البشر نحتفل بالعيد العالمي للمرأة.
ولكن ماذا نقدم للمرأة في عيدها مقارنة مع ما تعطيه الطبيعة، مازال حلم مساواتها مع الرجل بعيد المنال، ومازال الرجل هو من يقرر مصيرها، ويتحكم بتعليمها وعملها ولباسها وعلاقاتها وخروجها ودخولها وحتى في أحلامها.
ورغم كل التطورات في الحياة، من التطور الفكري والاقتصادي والتكنولوجي، ومواكبتنا لهذه التطورات، مازلنا نتعامل مع المرأة بعقلية متخلفة، عقلية التملك والسيطرة، وفرض نفسنا كمسؤولين عنها وعن كل تفاصيل حياتها.
بعضهم يقول: المرأة أصبحت متعلمة وتدرس في الجامعة وتعمل إلى جانب الرجل وتتبوأ المناصب السياسية … فماذا تريد أكثر من ذلك؟ وكأنه هو من أعطاها هذه الحقوق وليست هي حقوقها الطبيعية.
إذا فكرنا بمنطقية، وسألنا أنفسنا: لماذا كانت المرأة محرومة من هذه الحقوق، وهل نحن منحناها هذه الحقوق كرماً منا، أم أنها كما أسلفنا هي حقوقها الطبيعية، ألا يعني ذلك أننا الذكور كنا قد سلبنا المرأة لقرون عديدة أبسط حقوقها؟أليس سبب تخلف المرأة عن حقوقها هو تسلط الرجل واضطهاده للمرأة؟
ربما يعبر قول الشاعر الفرنسي الشهير أراغون عن هذه الحقيقة: لو وقف جميع رجال الكرة الأرضية لمدة خمسين سنة متصلة يعتذرون للنساء عما فعله بحقهن الذكور على مدى التاريخ البشري؛ لما كان ذلك كافيا.
المرأة هي الأم الحنون التي تستحقّ أن تكون كلّ أيامها أعياداً، وهي الزوجة التي بدونها لا تكون الأسرة ولا يكون المجتمع، وهي الأخت الحنون والابنة التي تزيّن البيت، وهي كذلك زميلة العمل التي تشاركنا بناء الوطن، فماذا نقدم لها في عيدها وبماذا نحتفل؟
هل نحتفل بجرائم الشرف؟ أم نحتفل بالعنف الأسري الجسدي والنفسي الذي نمارسه على المرأة؟
هل نحتفل بالاضطهاد الذي تعانيه المرأة من الزوج والأب والأخ؟ أم نحتفل باغتصاب جسدها؟
في عيدها .. لا أملك سوى وثيقة اعتذار دائمة …. فهل يكفيها الاعتذار؟