ورغم ما قيل عن مذبحة دير ياسين، إلا انه لم يعرف حتى الآن حجم الجريمة وحقيقة ما جرى رغم بشاعتها، ولم يعرف حجم الدم الفلسطيني الذي أريق.
مذبحة دير ياسين حدثت في 9 أبريل ،فجر 10 ابريل من عام 1948 على يد الجماعتين الصهيونيتين “أرجون” و”شتيرن”، ذلك بعد أسبوعين من توقيع معاهدة سلام طلبها رؤساء المستوطنات اليهودية المجاورة ووافق عليها أهالي قرية دير ياسبن.
وراح ضحية هذه المذبحة أعداد كبيرة من سكان القرية عالبيتهم من الأطفال، كبار السن، النساء والشباب الاعزل.
ويختلف على عدد من ذهب ضحية هذه المذبحة اذ تذكر المصادر العربية والفلسطينية أن ما بين 250 إلى 360 ضحية تم قتلها، بينما تذكر المصادر الغربية أن العدد لم يتجاوز 109 قتلى، علما بان سكان القرية حينها كان نحو 800 شخص.
كانت مذبحة دير ياسين عاملا مهمّا في الهجرة الفلسطينبة إلى مناطق أُخرى من فلسطين والبلدان العربية المجاورة لما سببته المذبحة من حالة رعب عند المدنيين. ولعلّها الشعرة التي قصمت ظهر الجمل في إشعال الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948.
صباح يوم الجمعة فيه 9 أبريل عام 1948م، بعد الهجوم على قرية القسطل المجاورة واستشهاد القائد عبد القادر الحسيني، قامت عناصر من منظمتي “الأرجون” و”شتيرن” بشن هجوم على قرية دير ياسين قرابة الساعة الثالثة فجرا، وتوقع المهاجمون أن يفزع الأهالي من الهجوم ويبادروا إلى الفرار من القرية. وهو السبب الرئيسي من الهجوم، كي يتسنّى لليهود الاستيلاء على القرية.
وانقضّ المهاجمون اليهود تسبقهم سيارة مصفحة على القرية وفوجيء المهاجمون بنيران القرويين التي لم تكن في الحسبان وسقط من اليهود 4 من القتلى و 32 جرحى.
طلب بعد ذلك المهاجمون اليهود المساعدة من قيادة “الهاجاناه” في القدس وجاءت التعزيزات، وتمكن المهاجمون من استعادة جرحاهم وفتح الأعيرة النارية على القرويين دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة.
لم تكتف العناصر اليهودية المسلحة من إراقة الدماء في القرية،حيث كانوا يطلقون النيران على كل ما يتحرك داخل المنزل من رجال ونساء وأطفال وشيوخ، بعد ذلك أخذوا يطرقون أبواب البيوت ويخرجون من بداخلها، واتبع اليهود في ذلك أسلوب الخداع. فقد كانوا يرتدون الملابس العربية والكوفيات التي يجدونها في أثناء تفتيشهم للبيوت، لكي يتسللوا إلى مواقع المقاتلين دون أن يشك فيهم أحد واقتادوا فريقًا من رجال القرية ونسائها وأطلقوا عليهم النار فقُتلوا على الفور، كما استخدموا السلاح الأبيض في اعتداءاتهم، وقد كان معظم الضحايا من الأطفال والنساء، وقد مثّل المجرمون بجثث الضحايا تمثيلاً شنيعًا بعد نزع الملابس عنهم، وانتزعوا الحلي من أيدي النساء، وتمكن بعض السكان من الإفلات ولجأوا إلى القرى العربية المجاورة. أما من بقي من النساء والأطفال فقد ساقوعم واستعملوا معهم الفظاظة المتناهية ووضعوهم في عدد من سيارات الشحن وبينهم الجرحى وقد نزعوا الملابس عن النساء واستعرضوهم في شوارع الأحياء اليهودية وسط هتافات اليهود، ثم العودة بالضحايا إلى قرية دير ياسين وتم انتهاك جميع المواثيق والأعراف الدولية حيث جرت أبشع أنواع التعذيب.
في عام 1948، اتفق الكثير من الصحفيين الذين تمكّنوا من تغطية مذبحة دير ياسين أن عدد القتلى وصل إلى 254 من القرويين. ومذبحة دير ياسين تُعدّ من الأحداث القليلة التي تلتقي فيها الرغبة العربية واليهودية على الارتفاع في عدد القتلى فمن الجانب العربي، ارتفاع عدد القتلى سيؤثر في النظرة الإنجليزية لليهود تأثيراً سلبيا ومن الجانب اليهودي، سيقوم العدد الكبير لقتلى المذبحة على إخافة القرى العربية الأخرى ويعمل على تهجيرها طوعاً بدون جهد يهودي.
دير ياسين
تقع قرية دير ياسين على بعد كيلومتر واحد إلى الغرب من مدينة القدس، وترتبط معها بطريق معبدة من الدرجة الثالثة، تحيط بها قرى القسطل ولفتا وقالونيا وعين كارم والمالحة.
وتحيط بها المستعمرات اليهودية من ثلاث جهات من الشرق (بيت فيغانو مونتفيوري) ومن الشمال إلى الشرق (غفعات شاءول) ومن الجنوب مستعمرة (يفتوف) ومن الغرب أراضي (موتسا وارزا).
كانت القرية تقع على المنحدرات الشرقية لتلة يبلغ ارتفاعها نحو 780م، وقد انتشرت بيوتها على السفوح وأحاطت بها الأشجار المثمرة وأشجار الصنوبر.
كانت مساحة أراضي دير ياسين عام 1945 تبلغ (2857 دونمًا) أقيمت القرية على اثني عشر دونما منها، وعدد سكانها نحو 800 شخص