الذكرى الـ66 لاستشهاد عبد القادر الحسيني عام 1948
الشهيد عبد القادر الحسيني كان إيمانه بالجهاد المسلح من أجل الحرية والاستقلال، أقوى من جميع الإغراءات والمحاولات من جانب الإدارة البريطانية لضمه تحت جناحها، فبدأت رحلته ضد المستعمر في عام 1935 وانتهاء بعام 1948 حيث استشهد في معركة القسطل. والذي تصادف اليوم الثلاثاء الثامن من ابريل، الذكرى الـ66 لاستشهاده.
نبذة عن حياة الشهيد عبد القادر الحسيني.
ولد القائد والمجاهد الفلسطيني عبد القادر موسى كاظم الحسيني في إسطنبول في 1910، وبعد عام ونصف فقد أمه واحتضنته جدته لأمه مع بقية أشقائه السبعة ووالده هو شيخ المجاهدين في فلسطين موسى كاظم الحسيني، والذي شغل بعض المناصب العالية في الدولة العثمانية متنقلًا في عمله بين أرجاء الدولة العثمانية، فعمل في اليمن والعراق ونجد وأستانبول ذاتها بالإضافة لفلسطين وأنعمت عليه الدولة العثمانية بلقب “باشا”.
وعندما انهارت الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى، ووقعت فلسطين في قبضة بريطانيا كان موسى كاظم باشا الحسيني يشغل منصب رئاسة بلدية القدس، كما تم انتخابه رئيسًا للجنةالتنفيذية للمؤتمر الوطني الفلسطيني وكانأول من رفع صوته في وجه الانتداب البريطاني، وأول من دعا أهل فلسطين إلى الاحتجاج والتظاهر وإعلان السخط والغضب ضد وعد بلفوروقاد أول مظاهرة شعبيةفي تاريخ فلسطين في 1920 وبسبب ذلك عزلته سلطات الانتداب البريطاني عن رئاسة بلدية القدس.
استمر في نضاله واشترك في الكثير من المظاهرات، كانت آخرها المظاهرة الكبيرة في يافا في 27 أكتوبر1933،و أصيب فيها بضربات هراوات قاسية من قبل الجنودالإنجليز ظل بعدها طريح الفراش أيامًاحتى فارق الحياة في 1934.
نشأ الابن المجاهد عبد القادرفي بيت علم وجهاد، كما كان يجتمع في هذا البيت رجال العرب الذين يفدون إلى القدس، لأن والده موسى الحسيني كان رئيسًا لبلديتها ودرس الابن عبد القادر القرآن الكريم في زاوية من زوايا القدس،ثم أنهى دراسته الأولية في مدرسة (روضة المعارف الابتدائية) في القدس، بومن ثم التحق بمدرسة “صهيون” الإنجليزية.
أتم عبد القادر الحسيني دراسته الثانوية بتفوق ثم التحق بعدها بكلية الآداب والعلوم في الجامعة الأمريكية في بيروت ثم ما لبث أن طُرد منها نظرًا لنشاطه الوطني ورفضه لأساليب التبشير التي كانت مستشرية في الجامعة، فما كان منه إلا الالتحاق بجامعة أخرى فتوجه إلى الجامعة الأمريكية في القاهرة ودرس في قسم الكيمياء بها، وفي حفل التخرج قال إن الجامعة تبث سمومها في عقول الطلبة، وطالب الحكومة المصرية أن تغلقها مما حدا بالجامعة الأمريكية في اليوم التالي بسحب شهادته، الأمر الذي أدى إلى تظاهرة كبري قام بها رابطة أعضاء الطلبة التي أسسها الحسيني وترأسها أيضًا وانتهى الأمر بقرار من حكومة إسماعيل صدقي بطرده من مصر فعاد أدراجه إلى القدس في 1932.
وكانت العودة إلى القدس بداية رحلة جهاد طويلة منذ 1935 إلي 1948 في معركة القسطل الجهادية وعلى الرغم من المحاولات الحثيثة من جانب الإدارة البريطانية لضمه تحت جناحها من خلال توليته عددا من المناصب الرفيعة إلا أن إيمانه بالجهاد المسلح كان أقوى من جميع إغراءاتهم ومنذ 1936 قام بتدريب شبان فلسطينيين لينظموا وحدات مسلحة وفي ذات العام قام عبد القادر الحسيني بإلقاء قنبلة على منزل سكرتير عام حكومة فلسطين تلتها قنبلة أخرى على المندوب السامي البريطاني وتوج نشاطه الوطني في هذا العام بعملية اغتيال الميجور سيكرست مدير بوليس القدس ومساعده، بالإضافةإلى اشتراكه مع أفراد الوحدات التنظيميةالتي أسسها في مهاجمة القطارات الإنجليزية.
بلغت المقاومة ضد البريطانيين أشدها في معركة الخضر الشهيرة والتي أصيب فيها وفي خريف 1938، جُرح ثانية في إحدى المعارك، فأسعفه رفاقه في المستشفي الإنجليزي في الخليل، ثم نقلوه خفية إلى سورية، فلبنان ومن هناك نجح في الوصول إلى العراق بجواز سفر عراقي في بغداد عمل عبد القادر مدرسا للرياضيات في إحدي المدارس العسكرية، و أيد ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق عام 1941، وشارك في قتال القوات البريطانية، واعتقل بالعراق لثلاث سنوات، وأفرجت الحكومة العراقية عنه في أواخر 1943، بعد أن تدخل الملك عبد العزيز آل سعود ملك العربية السعودية. فتوجه إلى السعودية وأمضى فيها عامين بمرافقة أسرته ثم عاد في1 يناير1946 إلى مصر الدولة التي سبق وأن طرد منها بأمر إسماعيل صدقي، ولكنه هذه المرة عاد للعرض على الأطباء ومداواة جروحه وأثناء وجوده في مصر عمد إلى وضع خطة لإعداد المقاومة الفلسطينية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي فراح ينظم عمليات التدريب والتسليح للمقاومين وأنشأ معسكرًا سريًا بالتعاون مع قوى وطنية مصرية ليبيةمشتركةبالقرب من الحدود المصرية الليبية، كما قام بتدريب عناصر مصريةأيضًا للقيام بأعمال فدائية،حيث شاركت عناصره في حملة المتطوعين بحرب فلسطين وكذلك في حرب القناة ضد بريطانيا.
عمد إلى التواصل والتشابك مع قائد الهيئة العربية العليا ومفتي فلسطين أمين الحسيني من أجل تمويل خطته وتسهيل حركة المقاومين على كل جبهات فلسطين، كما عمد أيضًا إلى التنسيق والتواصل مع المشايخ والزعماء والقادة داخل الأراضي الفلسطينية.
أنشأ معملا لإعداد المتفجرات إضافة إلى إقامته محطة إذاعية في منطقة رام الله درة عن المقاومة الفلسطينية وتشجيع المجاهدين و بعد قرار التقسيم في 29 نوفمبر1947 قام بعمليات هجومية على قطعان المستوطنين المتواجدين في محيط المدينة المقدسة و في معركة «صوريف» في 16 يناير 1948 قتل 50 يهوديًا مزودين بأحدث العتاد الحربية الثقيلة واستولى على 12 مدفع برن والعديد من الذخيرة والبنادق.
وكان عبد القادر الحسيني خلال معركة القسطل قد ضرب مثلا رائعا في التضحية والحماسة والاندفاع، إلى أن استشهد 8 إبريل 1948بعدما قام باقتحام قرية القسطل مع عدد من المجاهدين ما لبث أن وقع ومجاهديه في طوق الصهاينة وتحت وطأة نيرانهم.
رحمه الله وادخله فسيح جناته