في رثاء عمي الشاعر سميح القاسم – إيمان القاسم سليمان

لأول مرة ترتجف يدي وأنا اكتب ..


كيف أقول لك وداعاً وأنت جزء من الروح وتسكن في الوجدان ؟
وهل يودع الواحد منا روحه او يتخلى عن وجدانه ؟
يا مَن علمتني معنى الصمود
وقواعد النضال
ومفهوم الكرامة
وغلاوة الوطن..

” أسميك نرجسة حول قلبي
وقلبك أرضي وأهلي وشعبي
وقلبك قلبي ”
أسميك منارة اهتدينا بها الى طريق الحق ورفض الظلم
أسميك ظلي
والصوت المتدفق من حنجرتي
أسميك حبر قلمي السائل بنور حبك الأبوي الأخوي الأزلي

كنت تقول لي : لا أحب التكنولوجيا .. أعشق صوت قلمي وهو يحفر كلماتي على الورق
يا ليتك ترى هذا السيل الجارف من الحب الذي يلفك به كل محبيك
حفرت كلماتك على جدران ارواحنا
فأصبَحَت هي دفاتر شعرك واصبحت هي الورق

عندما همّوا على قتلك طفلاً لأنك بكيت عند عودة العائلة الى فلسطين وخاف ركاب الحافلة ان تهتدي إليهم الطائرات أشهر جدي السلاح بوجههم لردعهم ،
ولما سردوا عليك هذه القصة قلت : حسناً لقد حاولوا إخراسي منذ الطفولة.. سأريهم .. سأتكلّم متى أشاء وفي أيّ وقت وبأعلى صَوت، لنْ يقوى أحدٌ على إسكاتي”.
وهكذا كان .. لم يقوَ أحد على إسكات صوتك العالي بوجه القهر والاحتلال ..
عاش صوتك مجلجلاً يدافع عن الزيتون والطفل والزهر والحجر والأرض
يدافع عن فلسطين بكل مركباتها وتكويناتها
فأصبحت شاعر الوطن

” إذن أنت مرتحل عن ديار الأحبة ..
ها أنت مرتحل لديار الأحبة
سلّم عليهم ”
درويش ينتظرك لتتحاورا في مكالمة شخصية جداً
وتجمعا شطري البرتقالة في أرض أخرى .. أو سماء أخرى
تتهامسان .. تتناقشان ..
صرخت في رثائه ” خذني معك ” وعتبت عليك انا لهذه العبارة
قلت لك نريدك معنا لا تغادر
ولكنك غادرت
وموتك يملأني بالقهر
من ظلم الدهر
تنام بوجه الطفولة
في حضن غيمة
ويسهر قلبي عليك
صبياً صغيراً يقرفص حزناً
على باب نجمة

وعندما طلبتُ منك ان تكتب لي قصيدة
لأنني أغار من عشقك لفلسطين
سطرت لي بقلمك المميز دائماً على ورقة سأحملها دوماً في جيبي
” إيمان سنبلة الفرحة في قحط الأحزان
ترتيل البلبل ترنيم الأغصان “

فرحتي حزينة اليوم يا عمي
سنبلتي حنت رأسها
وترتيلتي صمتت
في انتظار قصيدة جديدة منك
قصيدة لن تولد بعد
..
رحمك الله يا شاعر الأرض والكرامة
رحمك الله يا عمي

Exit mobile version