تعالت الأصوات وفُتحت الحناجر على مصراعيها وتهافتت الأنظار سريعا إلى هناك، نحو الكتلة البشرية، إلى حلقة من المتواجدين الناظرين الى كليهما محاولين الفض بينهما، لكن دون جدوى، فالحاجة متمسكة بتقاليدها وعاداتها.
إختصر احتراما لسن هذه الحاجة وأعتذر، لكنه أشعل بداخلي ناقوس خطر، فدائما نختصر في هذا البلد رغم أننا على حق حتى ظن وتوهم أهل الباطل أنهم على حق!!
“امة الجوهر تحولت الى مظهر”
انتهى المشهد الأول من مسرحية “المشابهة والرياء” وبدأ المشهد الثاني منها صباحا حين صاح جارنا اللصيق سائلا: “يا جار، روحوا اهلك من الحجة” فأجبته: “نعم يا جار، الحمد لله، عادوا”، الجار: “يا خسارة، ولو، ليش مسميعناش اشي؟ لا حس ولا نس، ولو، شويت تفقيع، شو بتعزوش ابوكم وامكم “!!…يا الله! لقد تحولت امة الجوهر الى مظهر! فهل من آداب حسن الجيرة والأخوة في البلد الواحد أن يستيقظ المرضى والشيوخ والعجز والأطفال على أصوات مفرقعاتكم الناعقة، منها مفزوعين؟! هل يا جاري إنقطعت واقتصرت اساليب التعبير عن تقديري واحترامي لوالديّ فقط على المفرقعات!؟ هل من آداب الطريق يا حاجة ان تُغلق الشوارع وأن تغتصب المركبات الارصفة وتحطم ما تبقى لنا من زهور وعشب أخضر على المساحات الفاصلة (الجزيرة)؟! هل من آداب الاخوة ومن اخلاق المصلين الدخول الى المساجد تاركين مركباتهم تعيق حركة السير مسببة الى ازمة سير واختناقات مرورية؟! وهل وهل وهل وهل وهل …؟؟؟!! كلنا نعيش في البلد ونعلم ما يحدث فيه! لهذا لا داعي للإسهاب والاسترسال في موضوع نعيشه على جلودنا يوميا…
يا حاج ويا حاجة “تيتي تيتي مثل ما روحتي جيتي” فالعبادات هدفها صقل الشخصية وتهذيب النفوس، اما شريعتنا السمحاء فهي دستور حياة يهدف الى ان نعيش ونظل في النور… “هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ” فعجبا! لمن يقبل على نفسه أن يعود إلى الظلمات دون وعيّ، تأمل او تفكير من خلال عادات وتقاليد لم ينزل الله بها من سلطان… وطوبى “للقابض على الجمر”، لمن يتحمل مشقة فريضة الحج ويصونها…