أبو جمال شرعب من الشخصيات التي تركت في الذاكرة الكثير من أثر سنوات خلت بحكم وظيفته التي مارسها سنوات طويلة. لا بد ان يتذكر الكثيرون منا هذا الانسان بمجرد العودة الى الماضي والى كيفية تنظيم السفريات الى نتانيا.
كان أبو جمال ولسنوات طويلة مسؤولا عن تنظيم الراغبين بالسفر الى نتانيا بواسطة سيارات الاجرة، وهم عادة اناس يقصدون نتانيا في الصباح لإجراء فحص دم في كوبات حوليم هناك او الى محكمة الصلح في حالات أخرى.
وكان الأهالي كعادتهم يتزاحمون في الصباح من اجل الوصول كل في موعده المحدد، فكان هذا دور ابي جمال الذي اعتدنا ان نجده في برندة مطعم عبد العظيم غنيمة قبالة موقف السيارات. وكان يكفي ان نصيح من بعيد لأبي جمال: أبو جمال سجل فلان 2 ، أي مقعدين. وكانت سيارات الأجرة آنذاك قليلة وهي من طراز مرسيدس “سبعة راكب”، وكانت تزدحم في الصباح باتجاه نتانيا وتزدحم عند العصر في الاتجاه المعاكس، أي من نتانيا الى الطيبة.
ولذا كان أبو جمال يعمل في ساعات الصباح في الطيبة ثم ينتقل بعد الظهر لتنظيم سفريات العودة من نتانيا الى الطيبة، وكنا نجده هناك يجلس ودفتره بيده عند مقصف “زينجر”.
وزينجر، لمن لا يعرفه، اشكنازي من نتانيا كان يملك وزوجته مقصفا بجوار موقف سيارات الأجرة المتجهة للطيبة، وكان عصبي المزاج لا يسمح لنا بالجلوس على مقاعد مقصفه إلا إذا تناولنا شيئا مما يبيعه، ولذا كثيرا ما كانت تحدث مشادات كلامية بينه وبين النساء الطيباويات اللواتي يصلن الموقف عادة مرهقات من المشي الطويل من كوبات حوليم، وما ان يبلغن الموقف حتى تلقي السيدة بنفسها على مقاعد المقصف لالتقاط الانفاس وانتظارا لسيارة الأجرة، فيقفز زينجر من داخل المقصف معتقدا ان السيدة تريد تناول شيء من كعكه او مشروبه، ولكن الحال لا يسمح بصرف النقود المحسوبة للسيدة على الكعك والشراب، فتنشب المشادة الكلامية.
هنا كان يبرز دور آخر لابي جمال الذي تدفعه شهامته عادة للتدخل والفصل بين الجانبين.
رحمك الله يا ابا جمال…