الانتخابات المحلية في الطيبة – بقلم : الدكتور سائد الحاج يحيى

بدأت اولى ملامح الانتخابات المحلية في الطيبة, تأخذ مساحة في تفكير ونشاط مختلف الحركات والعائلات ، وهو أمر مشروع وطبيعي. بعد إعلان وزارة الداخلية تحديد موعد الانتخابات لبلدية الطيبة بدأت بعض العائلات والأحزاب في الطيبة بتهيئة نفسها لخوض معركة الانتخابات الوشيكة رغم ان موعد الانتخابات يبعد عنا سنة.


الانتخابات في الطيبة تشبه حربا أهلية عائلية . الطموح لكرسي رئاسة السلطة المحلية يحول المنافسة الى وعود لا يمكن تنفيذها، وبعض رؤساء السلطات المحلية الفائزين ملتزمون لأبناء عائلتهم وحلقتهم المقربة جدا، وتنظيمهم السياسي  او الاطار العائلي البغيض الذي اوصلهم للرئاسة. لكن السؤال المحرج عن أي نهضة وتغيير منشود ونضال وطني تحت شعارات عائلية، او قائمة عائلية، تغيب الأحزاب وتتقدم العائلية ، كل شيء يتراجع، كل ما بنيناه ينهار. هل من منطق خوض قائمة بتركيبة عائلية لانتخابات بالطيبة؟ لسنا ضد رئيس بلدية من أي عائلة كانت، ولكن ان يكون رئيسا يجمع عليه ابناء الطيبة بغض النظر عن الهوية العائلية. التغيير تحت لواء هوية عائلية  مرفوض.

هل ستلحق الطيبة ربعها مع الربيع العربي في اتجاهه الذي لا يحمل الأمل من المستقبل؟ الذي يبدو واضحا ان الجماهير التي اسقطت الطغيان انما استبدلته بطغيان جديد، تشير كل الظواهر الأولية انه سيكون أشد طغيانا من سابقه ؟؟ كلنا مع الربيع العربي لإسقاط الطغيان، واملي بربيع جديد يعيد للثوار ما سرق منهم . ونريد الطيبة للطيباويين وليس لمفرقي الصفوف. بالطبع هناك عقلانيين لكني اراهم صامتين. المؤثر السلبي الكبير على المجتمع العربي في اسرائيل، هو التراجع الحاد في واقع الأحزاب العربية في الحلبة المحلية, وللأسف دورها في اطار مجتمعنا المدني يتلاشى ويقل تأثيره. اضحت أقرب الى قوائم انتخابية. لا طروحات فكريه لا نقاش إيديولوجي لا نشاط ثقافي وسياسي مؤثر. والحديث النظري عن قائمة واحدة لمعركة انتخابات الكنيست مثلا ، (وليس السلطة المحلية فقط) ، لضمان عدد أفضل من الأعضاء العرب، صعب جدا، اذا لم نقل مستحيلا. الأحزاب في عملية شخصنة ( تحول الشخص الى القيمة الجوهرية للتنظيم) تزيد من الضحالة السياسية .

الطرف المنتصر بالانتخابات او العائلة المنتصرة بالانتخابات لا تزال تنفق اموال الجمهور في الاحتفالات التي اقيمت في المتنزهات والشوارع ولا تزال المفرقعات تدوّي حتى ساعات الليل المتأخرة. ولكن بعد ان تنتهي الاحتفالات سيصحو اهل الطيبة، المنتصر والمنهزم ليجد الخزانة فارغة من الميزانيات والشوارع طافحة بالمجاري والمياه مقطوعة عن الأنابيب الرواتب غير مدفوعة، الاضرابات في المدارس مستمرة، الى جانب شح الأراضي البطالة وعدد لا يحصى من النواقص. باختصار سيصحو ليجد ان الكابوس لا يزال مستمرا: بلد مشلول المعاناة فيه نصيب كل العائلات وكل الاحزاب.

ان السبب للأسلوب الذي تمت به الانتخابات هو عدم ايمان المجتمع العربي بقدرته على التأثير في السياسة الإسرائيلية او حتى على ادارة شؤونه المحلية. لقد شطبت الجماهير العربية نفسها كجسم سياسي كجسم له حاجات وطموح كأي مجتمع. ان مواصلة الاقتتال الداخلي في الطيبة او في الوسط العربي هو افضل حالة تتمناها السلطات الإسرائيلية وعلينا القول بوضوح ان اتهام دولة اسرائيل بكل مصائب العرب يصبح بلا مصداقية عندما نضيّع من ايدينا كل الفرص لإدارة مجتمعاتنا المحلية بأنفسنا.

Exit mobile version