لا زلت أؤمن ان الاتفاق على ترتيب لائحة المرشحين في القائمة العربية الشاملة امر ممكن. ومهما حاولنا تجنب الخوض في التفاصيل وترك الأمور لأولى الامر ليتوصلوا الى حل يرضيهم، إلا ان الطبخة على ما يبدو “شاطت” ونحن أبناء الأقلية العربية في هذه البلاد سننام جائعين هذه المرة أيضاً.
قال لي أحد القياديين في الجبهة منذ عدة أيام ان ترتيب اللائحة الشاملة سيتم استنادا الى قوة كل قائمة في الانتخابات الأخيرة. فسألته: ما الحاجة بانتخابات كنيست جديدة إذا كنا سننسخ النتائج السابقة؟ …. لم يجبني ولكنه أكد ان الجبهة تشكيل سياسي صاحب أطول باع في السياسة وله تاريخ ثري ولا يمكن التغاضي عن ذلك.
انه محق في هذا القول، ولكنه لم يوافقني الرأي ان الشارع لا يختار النواب حسب أمجاد احزابهم التاريخية، وانما حسب التوقيت الحالي، وإلا لبقي حزب “العمل” على سبيل المثال، في السلطة الى الابد!
اما الطيبي، الذي اعتبره اريه درعي العرب من حيث الشعبية، فهو محق في المطالبة بأكثر من مقعد. وإذا كانت الحركة الإسلامية قررت التفاوض بنفسها لنفسها متغاضية عن الحركة العربية للتغيير، فمن حق الطيبي الخروج عن حصص الكنيست الأخيرة والتفاوض هو الآخر باسمه ووفق ما لديه من قوة حقيقية في الشارع العربي في البلاد.
لقد كنت استهجن صمت الطيبي منذ الاستطلاع الأول الذي منحه شعبية تفوق شعبية كافة المرشحين العرب مجتمعين، وكان يخيل لي انني استمع الى الام تريزا حين كان الطيبي يكرر تصريحه المعروف في كل مناسبة ان “مكانته لا يحددها مكانه” في اللائحة. ولكن ها هو يدعو الجميع الى قراءة المتغيرات على الساحة وأخذها بعين الاعتبار، وهذا يعني “كل حسب شعبيته”.
ولكن من هي الشخصية او الشخصيات التي سترافق الطيبي كمرشحين للحركة العربية للتغيير في اللائحة الشاملة، في حين ان أي اسم آخر الى جانب الطيبي لا بد سيكون عبئا على شعبية الدكتور ولن يكون بمثابة إضافة الى الحركة العربية للتغيير بل مكسبا فرديا للمرشح منها. هذه هي طبيعة حزب الرجل الواحد ذي الشعبية الطاغية.
وأما الحركة الإسلامية، وكما ذكرت في مناسبة سابقة، فقد أخطأت في اختيارها لمرشحها الطيباوي الشيخ عبد الحكيم حاج يحيى في المحل الثاني ضمن مرشحيها للكنيست، ليس لعيب في الشيخ لا سمح الله، وانما لأنه من نفس منطقة الطيبي بل ومن نفس بلد الطيبي. كان من الافضل ان يطرح مرشح من منطقة عكا مثلا لينافس مرشح حزب “العمل” هناك زهير بهلول، لا ان يتنافس الشيخ عبد الحكيم مع الطيبي على نفس الاصوات التي من المفروض ان تصب في نفس الخانة اصلا… خانة القائمة العربية الشاملة.
من يدري قد تفكر الحركة الاسلامية باحتمال عدم التوصل الى تفاهم ولائحة عربية شاملة وعندها ستتوزع الأصوات في منطقة المثلث الصغير، الطيبة والطيرة وقلنسوة، بين الحركتين، وكل منهما يظن ان نتائج الانتخابات السابقة في المنطقة والفوز الكبير الذي تحقق، انما جاء بفضله، وهذا انطباع سينفجر بوجه أحد الطرفين ليلة الفرز، إذا سار كل بمفرده.
ومع هذا، ما زال في الامل رجاء، وما زالت تطلعاتنا رهن إرادة قياداتنا، وما زال امامنا متسع من الوقت لترتيب الأوراق بواقعية ترضي الجميع بعيدا عن حسابات الربح والخسارة الحزبية وانما استجابة للمطلب الجماهيري بتشكيل قائمة عربية واحدة وحيدة وموحدة، وما دون ذلك سيكون جريمة سياسية بحقنا نحن أبناء الأقلية العربية في البلاد.
يسود الاعتقاد مما يتسرب من أروقة التفاوض حول تشكيل اللائحة الشاملة، ان الانتخابات في الواقع ستنتهي من وجهة نظر البعض بمجرد إتمام ترتيب هذه اللائحة، أي ان من يضمن لنفسه مكانا وسط الأسماء العشرة الأولى، يمكنه ان يطفئ النور وينام مرتاحا حتى ظهور نتائج الفرز! من يفكر بهذه الطريقة انما يدرك في قرارة نفسه ان وزنه النوعي جماهيريا اقل بكثير من وزنه على طاولة المفاوضات، وهذه تفاصيل لا بد من اخذها بعين الاعتبار، وخير وسيط لتحديد هذه القوة هو الاتفاق على شركة محايدة مقبولة على الجميع لتجري استطلاعا دقيقا للرأي العام في الشارع العربي يؤخذ بعين الاعتبار عند تركيب اللائحة، على ألاّ يكون المعيار الاوحد.