مشروع تسمية الشوارع : هو نموذج لمشروع يعكس في صورته، في ضرورته، في الحاجة إليه، في تخطيطه وتنفيذه، باقي المشاريع في بلدنا .
زمن سحيق من الانتظار، ميزانيات مهدورة، تخطيط عشوائي، تنفيذ هزيل، ونتيجة عكسية .
شوارعنا كانت بلا عنوان، اتسمت بعذرية بدائية بريئة، تاقت بعد انتظار إلي أسماء تعرفها، تشرفها، إلي أعلام عربية تثير الفخر بين أضلاعها، إلي أسماء الزيتون، التين، الرمان والعنبر، تغرد في سمائها العصافير .
وجاء المشروع ووصم جبينها بالعار، ونغص عليها حلمها، وشوه معالمها
وجرحُ السيف تدمُلُهُ فيبرا ويبقى الدهرُ ما جرحَ اللسانُ
القلة القلائل تعلم كم هي الميزانيات التي استهلكت وسجلت من اجل أعمدة رخيصة، وزعت هنا وهناك ,دون فائدة ترجى، تقف معوجة خجلا مما غصبت إلي حملة، تتوارى عن العين مستترة، تارة علي الناصية اليسرى، تارة على الناصية اليمنى، والبعض الابلة الوقح منها يقف في مركز الميدان .
عمود يحمل اسم البلدية لأنها أهم من المسجد وأبقى؟ عمود يحمل اسم البريد، ولا بريد هناك ؟ عمود يحمل اسم مركز الطفل، يحاول عبثا الأنين والقول : مركز الطفل أسمه ” جسر السلام ” فحملوني اسم ” السلام” ؟ وهناك عمود سمع إشاعة تقول بان نصيبه “كوبات حوليم ” ففر بجلدة ولا يعلم إنسا او جنا له مقام. وعمود يحمل اسم “شجرة الكينا ” لان التين والزيتون من الأشجار الكفرة، ولا مكان للكفرة بيننا .
شوارع تتلوى بين الميادين، والحارات، تحمل نفس الاسم لشح الأسماء والأعلام في حضارتنا وتاريخنا، وفقر لغتنا العربية . أم أنهم نسو أن الأسماء بلا تكلفة ؟
شارع “النجاح” يبدا من منطقة السمكة يقطع ميدانا وميدانا ويلتف يسارا ويقطع ميدانا وميدانا وميدانا ويدخل في منطقة جديدة لها اسما أقدم من كثير منا، ثم يمر منهكا من أمام مدرسة “النجاح”، ويقطع ميدانا جديدا ويصعد تلة وينزل وادي إلي منطقة جديدة وميادين عديدة حتى يقع سافر الوجه غريب في منطقة الشل، متكأ على كتف الفاروق مستنجدا .
ولن ازيد خشية ان يموت قلبي، فمن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل ورعه ومن قل ورعه ذهب حيائه ومن ذهب حيائه مات قلبه .
يكفي :
إن السماءَ وان الريحَ شاهدة والأرض تشهدُ والأيام والبلدُ
المسئولين :
قبطان سفينتنا أجير غريب , ينطبق علية قول الشاعر :
وهو الهزبر إذا أراد فريسة لم ينجه منه صياح مهجهجِ
ولا ينطبق علية قول الشاعر :
فإذا طبخت بناره أنضجتها وإذا طبخت بغيرها لم تنضج
ولأبناء جلدتنا وبلدنا المسئولين، صدق عليُ بن ابي طالب (كرم الله وجهه) القول فيهم :
” قيمةُ كلُ امرئٍ ما يحسنُ”. كلمةٌ وجدناها شافيةٌ كافيةٌ , مجزئةٌ مغنيةٌ فاضلةٌ عن الكفايةِ وغير مقصرةٍ عن الغايةِ وأحسن الكلامِ ما كان قليلُه يُغنيك عن كثيرة ومعناه ُفي ظاهرِ لفظِهِ . وغشي من نور الحكمةِ على حسبَ نيةِ صاحبِه وتقوى قائلُه .
ولأصحاب الرأي والمشورة، قال ابن هبيرة :”لا تكونن أول مشير , وإياك والرأي الفطير، وتجنب ارتجال الكلام ولا تشر على مستبد ولا على وغد، ولا على متلون ولا على لجوج وخف الله في موافقة هوى المستشير , فان التماس موافقته لئم وسوء الاستماع منه خيانة .”
وبعض الحكماء سئل : “متى يكون الأدب شرا من عدمه ؟” . قال إذا كثر الأدب ونقصت القريحة .
وللاهثون للرئاسة، نقول : اين انتم من كل هذا ؟
مر الجراد على زرعِي فقلتُ لهُ ألزم طريقك لا تولع بإفساد
فقال منهم خطيبٌ فوق سنبلةٍ إنا على سفرٍ لا بدَ من زادِ
كونوا : “أفضلَ مِن ان يَخدع وأعقل من ان يُخدع”
وانا لنكره رئيسا ان يكون مقدار لسانه فاضلا على مقدار علمه، كما نكره ان يكون مقدار علمه فاضلا على مقدار عقله . مثله مثل المَسَن الذي يشحذ ولا يقطع .
ولا تكونوا
يُمانُ ولا يَمونُ وكان شيخًا شديدَ اللقمِ هلقامًا خطيبا
واعلموا :
وان كبير القوم لا علم عنده صغيرٌ إذا التفت عليهِ المحافلُ
وللناس : جمع محمد بن علي ابن الحسين صلاح شان الدنيا بحذافيرها في كلمتين فقال :
” صلاح شان جميع التعايش والتعاشر ملء مكيال ثلثاه فطنه وثلثه تغافل ” . فلم يجعل لغير الفطنة نصيب من الخير ولا حظا في الصلاح، لان الإنسان لا يتغافل إلا عن شيء قد فطن له وعرفه
تمحصوا وتفحصوا قول الشاعر :
أرى الناس في الأخلاقِ أهل تخلق وإخبارهم شتى فعرف ومنكرُ
قريبا تدانيهم إذا ما رايتهم ومختلف ما بينهم حين تخبرُ
فلا تحمد الدهر ظاهر صفحة من المرءِ ما لم تَبلُ ما ليس يظهرُ
قال ابو ذر الغفاري : “كان الناس ورقا لا شوك فيه، فصاروا شوكا لا ورق فيه .”
فكونوا ورد فيه الشوك والورق والتيجان .ولا تكونوا من بين مخمور بالجهل ومفتون بالعجب ومعدول بالهوى عن باب التثبت ومصروف بسوء العادة عن فضل التعلم .”
ولا تطلبوا الحاجة الى ثلاثة : الى كذوب فانه يقربها وان كانت بعيدة ويباعدها وان كانت قريبة . ولا الى احمق فانه يريد ان ينفعك فيضرك . ولا الى رجل له الى صاحب الحاجة حاجة , فانه يجعل حاجتك وقاية لحاجته.”
كتبت كتابي هذا من ألمي مصدقاً قول الشعبي : “عليك بالصدق حيث ترى انه يضرك، فانه ينفعك , واجتنب الكذب في موقف ترى انه ينفعك ، فانه يضرك .”
تفرد الله عز وجل بالكمال ولم يبرئ أحدا من النقصان
اللهم إني أعوذ بك من فتنة القول كما أعوذ بك من فتنة العمل ,وأعوذ بك من التكلف لما لا أُحسن، وأعوذ بك من السلاطة والهذر، كما أعوذ بك من العِيّ والحَصرَ.
هاني حاج يحيى