اليكم زوار موقعنا الكرام، قصيدة “وكأن شيئا لم يكن”، كتبها الشاعر ابن مدينة الطيبة، جهاد بلعوم.
أمرٌ محيّر وغريب
وكأن شيئا لم يكن
وكأني لم اسمع بعد هلوسة الضمير
وكـأننا اصبنا بزكام الحنين
ليت للمرض القدرة على غسل أوجاع الطريق
ليتني رصاصة حتى اقتل فيك ذلك النبض الغريب
****
وكـأن شيئا لم
يكن وكأنك ما كنت يوما لونا للنهار
وكأني لم اسمع بعد ذلك النشيد القديم
وكأننا اصبنا بالموت البطيء
اعيتنا ملامح الامس
فما عدنا نقدر على رفع اكفنا المرتبكة
فوق موطء قدمنا الحزين
فوق زخات احلامنا المحرمة
لَو أنّا نَستيقظ مِن سباتنا قليلا
ونرفع جباهنا في وجه مراَتنا المزخرفة
لما جربنا ان نكون اشقياء
لكنا نظرنا الى تراتيل البكاء
لكنا عمدناك صباح مساء
لكنا ارتعدنا من تفاصيل الظلام
وربتنا على كتف السماء
وشهقنا
ونطقنا بقوة ملىء الصباح
لكنا استنشقناه رئة رئة
وانطوينا بقوة داخله وركعنا
وتركنا لاطفالنا ذلك الحلم الجنين
لكنا ارتمينا في ذاكرتنا المتجعدة
وبحثنا معا عن مرافىء الفرح
امر محير وغريب
****
وكأن شيئا لم يكن
وكأني ما قبلت يوما شفاهك المهترئة
وكـأنك اصبحت ذكرى عابرة على قارعة الضمير
وكـأننا نسينا تفاصيل السنين
وكـأن يدي ويدك صارت تقرع طبول الظلام
فضاعت اقدامنا وسط الزحام
****
ان كنت حقا قد منحتني صكوك الغفران
فاقلب صفحات الكتاب
وخذ بيدي ثانية
فانا ارتجف بصمت
واشتاق لك بصمت
فامنحني شمعة
حتى اسرع اليك ثانية لأشتريك
حتى لا يبكي الفجر ثانية خوفا من عتمة الطريق
حتى تتعثر غفوتي وتموت في بئر سحيق
****
وكأن شيئا لم يكن
وكـأن شيئا لم يكن…
جهاد بلعوم